يُسلم أصحاب النظرية القائلة بأن العقد الداخلية هي من يعرقل تشكيل الحكومة بأن الرهان من قبل ثلاثي “القوات” – “المستقبل” – “الإشتراكي” يقوم بشكل رئيسي على أن عملية عضّ الأصابع ليست لصالح الرئيس ميشال عون، بإعتبار أن عهده يخسر رصيده الزمني وتالياً لن يستطيع الإستمرار في تضييع الوقت حتى لو كان ذلك على حساب حصته..
لكن في الواقع لا يوحي سلوك رئيس الجمهورية منذ اللحظة الأولى لبداية المشاورات بأن الرجل مستعجل أو أنه يريد التنازل، أو يتعاطى مع رئاسة الجمهورية بإعتبارها سنوات ستّ (بقي أربعة منها) ستنتهي ربما من دون إنجازات على الصعيد الخدماتي والمؤسساتي.
منذ لحظة العهد الأولى يبدو أن الرئيس ميشال عون يرى أن إنجازاته سياسية أكثر منها إجرائية، لهذا حرص سريعاً على إظهار إصطفافه السياسي من دون تردد للبناء عليه خلال عهده وما بعده، لذلك فهو يسعى إلى تثبيت إنجازات سياسية خلال المفاوضات الحكومية، وليس السعي لإنجاز تشكيلة حكومة للبدء بالإنجاز.
إذا، الأولية الرئاسية سياسية وفق ما ظهر بشكل واضح سابقاً، والإنجاز السياسي للرئيس عون هو شخصي بالدرجة الأولى ويتمثل بالعودة إلى قصر بعبدا بعد إبعاده عنه قبل سنوات طويلة، ليأتي الإنجاز المعيشي – الإنمائي لاحقاً فيتشارك بتحمل مسؤوليته جميع الأطراف، ولهذا يصر عون على تمثيل جميع القوى السياسية لتجنب تحمل مسؤولية النجاح أو الفشل وحده.
من هنا يحاول “التيار الوطني الحرّ” والرئيس عون نقل المعركة بشكل شبه كامل إلى السياسة وإعادة جزء من صلاحيات رئاسة الجمهورية، إن لم يكن دستورياً فعبر العرف، للبناء عليها لاحقاً.