القوات والرسائل إلى حزب الله : عاد أو لم يعد ؟

دعا رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع قبل يومين “حزب الله” إلى العودة ل‍لبنان “ونحن سنكون في إنتظاره”، الأمر الذي طرح عدّة تساؤلات حول المقاربة الإيجابية من قبل جعجع للمسائل الخلافية مع الحزب، ففي حين إعتبر بعض المتابعين أن هذه الإيجابية مرتبطة حصراً بالتقارب بين “القوات” ورئيس المجلس النيابي نبيه برّي، يرى آخرون أن هناك عوامل عدّة فرضت إيجابية جعجع..

بات سائداً ومعروفاً لدى مختلف الأوساط السياسية في لبنان أن “حزب الله” كما “القوات اللبنانية” يحاولان الحدّ من خلافاتهما مع الأفرقاء السياسيين، من هنا بدأ إنكفاء الحزب عن الخوض في التفاصيل السياسية الضيقة، في المقابل يظهر منذ فترة إبتعاد “القوات” عن الخطاب السياسي الحاد، على رغم تفرغها للإشتباك مع “التيار الوطني الحرّ” بشكل مباشر نظراً إلى إرتباطها بشكل وثيق بمسألة الحصص في الحكومة المنتظرة.

لا يبدي “حزب الله” حماسةً فعلية للتقارب مع “القوات اللبنانية” لأسباب عديدة، ربما أهمها الخلافات على القضايا الأساسية الإقليمية والوطنية، إضافة إلى مراعاة حلفه مع “التيار الوطني الحرّ”، خصم “القوات” الفعلي في المرحلة الحالية، لكن عملياً لا يمكن وصف تعاطي الحزب مع “القوات” بالسلبية، إذ لم يضع أي فيتو على حصة “القوات”، لا من حيث العدد ولا من حيث حصولها على حقيبة سيادية، كما أن خطابات قياديي “حزب الله” تحاول تحييد “القوات” أو أقله عدم تسميتها بالإسم.

في المقابل، تظهر إيجابية جعجع، الذي يشكل رأس حربة مشروع قوى الرابع من آذار من خلال الإصرار على لبننة “حزب الله” ودعوته إلى الإلتقاء في منتصف الطريق، كما السعي إلى فتح باب جديد من التواصل بعد إعلان الحزب رغبته بالتصدي لمعضلة الفساد في الدولة، الأمر الذي يعتبره جعجع إصطفافاً داخلياً إلى جانب “القوات” بعيداً عن المواقف السياسية والإستراتيجية، علماً أنه يكفي توقف جعجع عن التصدي والردّ لكل خطاب من خطابات نصرالله لإظهار رغبة ضمنية وعلنية بإنهاء الحدية في الخصومة مع الحزب.

إضافة إلى ذلك، يرى بعض “الخبثاء” أن تهدئة جعجع من خطابه مع “حزب الله”، يهدف بشكل أساسي إلى إستفزاز “التيار الوطني الحرّ” ومحاولة لبدء معركته الرئاسية مبكراً، إذ أن رئيس حزب “القوات” يعلم أن وصوله إلى بعبدا شبه مستحيل في حال بقي بعيداً كل هذا البعد عن حارة حريك، لذلك فإن الأمر لا يعدو جزءًا من معركة جعجع – باسيل.

من هنا ترى أوساط قواتية أن الإيجابية التي ظهرت في خطاب رئيس “القوات” تجاه الحزب لم تتناقض مع المبادئ القواتية، لكن في الوقت نفسه بقي الخطاب في الإطار الإيجابي العام لتعاطي “القوات اللبنانية” مع كافة الأفراق ومن ضمنهم “حزب الله”.

وتعتقد الأوساط أن الإيجابية القواتية مستمرة، وستأخذ أشكالاً أكثر دقة في المرحلة المقبلة حيث ستكون مرتبطة بالجو الخطابي والإعلامي وليس بالضرورة بمضمون المواقف السياسية والعملية.

وتشير الأوساط إلى أن “القوات” تلاقي “حزب الله” الذي كان، وبعكس أفرقاء آخرين، إيجابياً معها في مسألة تشكيل الحكومة وحصتها الوزارية من دون أن يتلاقى معها سياسياً…

لكن الأوساط تعتقد بأن حاجزاً أساسياً يقف أمام تطور هذه الإيجابية وتحولها تقارباً في السياسة، وهو مسألة الديبلوماسيين الإيرانيين الأربعة التي لم يتخطاها “حزب الله” بعد ويعتبر أن أي علاقة إيجابية مع “القوات” يجب أن تمر بمعلومات تفيد بمعرفة مصيرهم.

اخترنا لك