تمارس العملة الايرانية لعبت الرقص على الهاوية، فتجعل الاقتصاد يقبض على قلبه كالجمر. وصلت قيمة العملة إلى أدنى مستوياتها. خلال تداولات يوم أمس الأربعاء، سجل سعر صرف ورقة المئة دولار أميركي 130 ألف تومان (العملة الايرانية) لدى مختلف المصارف، علما ان الصرف الذي ساد قبل العقوبات لم يكن يتعدى الـ 4500 تومان، ما يعني ان خسارة العملة لقيمتها بلغ 3 أضعاف، وهو ما جعلها تهبط أمام الدولار إلى مستوى قياسي أثر سلباً على الاقتصاد.
ورغم ذلك، لم يصل الاقتصاد الايراني الى مرحلة الخطر او تعرض العملة لخضّات وهزّات قد تشكل مقدمة لانهيارها، وعلى الرغم من خسارة العملة لعدة دراجات، لم يسجل انها فقدت قدراتها الشرائية او قيمتها التسويقية ابداً، ما يعني انها ما زالت ضمن نطاق الاستقرار النقدي يفعل الدعم الذي توفّره سياسات حكومية عبر حُقن كافية.
لكن الشارع الايراني وإن يبدي قلقاً من النتائج المترتبة عن العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الأميركية، إلا أنه لا يتأثر بشكل كامل، والسبب يعود للسياسات التي تتبعها الحكومة الايرانية والتي يمكن وصفها بـ”سياسة الالتفاف على نتائج العقوبات”.
رغم اشتداد الهجمة، حافظت السلع الايرانية على سعرها الطبيعي مع الاشارة إلى دخول تعديلات طفيفة على بعض السلع. اللافت في القضية ان الاقتصاد الايراني يأن من وطأة الضغوطات لكنه لم يستسلم، ولا يبدو أنه سيكون كذلك في المدى المنظور، وفق رأي أكثر من خبير.
قبل أيام، وافقت الحكومة الايرانية على إصدار بطاقة دعم يصلح تسميتها “بطاقة اعاشة”، سيستفيد منها عموم الشعب الإيراني، وهي عبارة عن قسيمة شرائية شهرية بشكل مجاني وبنسبة مئة في المئة.
وتمكن البطاقة حاملها من شراء المواد الأساسية التي تحتاجها العائلة بشكل يومي كالخبر والطعام والمعلبات والخضار.. الخ، دون ان يترتب على حاملها أي تكلفة اخرى. ووفقاً لمصدر إيراني، كشف لـ”ليبانون ديبايت” ان البطاقة أتت كـ”بادرة من الحكومة الايرانية الى ابناء الشعب من أجل مساعدتهم على مواجهة وتجاوز نتائج العقوبات التي تطال بنسبة كبيرة المواد الاساسية”.
ويكشف ان الحكومة الايرانية “كان لديها خطة مواجهة اقتصادية، وقد بدأت بتفعيلها تدريجياً، وفي بنود الخطة ما يصلح للتمكين من تجاوز مفاعيل العقوبات وابقاء الاقتصاد في منأى عن النتائج العكسية المرجوة من الاعداء”.
خطوة الحكومة الايرانية هي الاولى إذاً من قائمة أهداف يبدو أن قرار تفعيلها بشكل تدريجي إتخذ، ولها أن تنعكس بشكل ايجابي على الشارع الذي ما زال يضبط أوقاته وفق الخطط الحكومية التي تثبت نجاحاً بالاستناد إلى النتائج والممارسة.
لا شك أن اشتداد الازمة يدل على نجاح الحكومة الايرانية من تجاوز مفاعيل العقوبات، فعلى حد قول المصدر، أنه “كلما زادت نسبة الضغوطات ومورست عملية تطويق للريال الإيراني (تومان) يعني ذلك ان الاعداء يمارسون اقوى ما لديهم، وفي النهاية سيضيق هامش الضغط لديهم وعند بلوغ القمة سيعودون أدراجهم”.
وبالاضافة الى ذلك، سعت وفق المصدر، الدول المعنية بالعقوبات، الى محاولة زرع “حالة امتعاض وشعور بالهزيمة” لدى المواطنين، ثم جرى تغذيتها عبر اكثر من 200 قناة فارسية وعربية معادية، كلها تؤسس لحالة من توفير الشعور بالخسارة وتحميل الحكومة الإيرانية تبعات ما يحدث، وذلك من اجل توفير اجواء تقود الى تحركات في الشارع تصنع ارباكاً لدى الحكومة والرأي العام معاً، وتنقل البلاد الى حالة من الصراع.
لكن يبدو أن عمليات التجييش على أنواعها، إلى غاية الآن، لم تدرك اهدافها بفضل الوعي العام والسياسات الاقتصادية تقوم على توفير عامل حماية بالحد الادنى المتوفر.