لم يكن أمر الطيران الصادر عن غرفة عمليّات القوّات الجويّة، يوم الاحد الماضي، بالعادي، إذ أنّ المهمّة كانت استثنائيّة ومميّزة قلّما تقوم بها وتنفّذها جيوش العالم.
فالقوّات الجويّة التي قدّم افرادها من مختلف الرتب والاختصاصات صورةً مشرقةً لنصرٍ ما كان ليكتمل لولا شجاعتهم واندفاعهم وحتى ابتكاراتهم التي انحنت لها معارف اهم الفنيّين في مجالات التسليح والطيران، ما كانت لترضى بالتخلّي عن عرشها بعد انتهاء الحرب على الارهاب، آيلةً على نفسها الاّ ان تكون في مقدمة المشاركين برسم صورة الجيش الجديدة، مع خطوطٍ بلمسة انسانية.
الترتيبات في قاعدة حامات الجويّة، حيث يتمركز سرب طوافات البوما، أنجزت بالكامل، من أجل اقلاع احدى المروحيّات بإتجاه القاعدة الجويّة في مطار رفيق الحريري الدوليّ، بغية نقل ضيوف غير عاديّين.
الجهوزيّة على مدرج القاعدة الجويّة حيث تمركزت المروحيّة كانت كاملة تماماً كالمكان المُخصّص لإستقبال الضيوف الذي امتلأ بغمضة عين بأطفال تشعّ من عيونهم الأحلام، وتُسمع دقات قلوبهم في كلّ ارجاء الصالة لتضفي اليها جوّ الفرح والبهجة والأمل.
كل الترتيبات انجزت، خطوط الطيران حُدّدت، “حرتقة” دواليب و”عجقة” على طول الممرّ الفاصل بين القاعة والطوافة. كيف لا وركّابها هم اطفالٌ من الجمعيّة اللبنانيّة للضمور العضلي والعصبي، ارادوا لإحتفالهم باليوم العالمي لهذا المرض في السّابع من أيلول، أن يكون بطعمٍ آخر “من فوق”، هم الذين حرموا التمتّع بما يحيط بهم، فرؤوا لبنان من “الجوّ”.
صحيح أنّ ركوب المروحيّة بالنسبة اليهم رحلة من نوع آخر، الاّ انّ حساباتها مختلفة نظراً لوضعهم الخاصّ. لكن من حوّل الطوافة الى قاذفة لن تعيقه تفاصيل عن تحقيق حلم طفل، فكان أن تعاون الجميع من ضباط وأفراد على انجاز الاصعب، حساب المسافات وقدرة الطوافة على استيعاب العدد الاكبر من الكراسي النقالة.
يوماً بعد يوم تثبت قيادة العماد جوزاف عون واستراتيجيّته للرؤية المستقبليّة للجيش مدى صحّتها. رؤية لمؤسّسة تسعى لأن تكون لكلّ اللبنانيّين بغضّ النظر عن الطوائف والمذاهب والفئات والطبقات.