نشرت وكالة “رويترز” للأنباء تقريراً سوداوياً عن “أسوأ صدمة شهدت عليها سوق السندات في لبنان منذ عقود”، مشيرةً إلى أنّها أثارت شكوكاً بشأن استعداد وقدرة المصارف اللبنانية على مواصلة تمويل الدولة، ما يزيد الضغوط على لبنان من أجل إجراء إصلاحات بأسرع وقت لعدم الدخول في مخاطرة على سعر صرف الليرة.
وشرحت الوكالة بأنّه في الماضي، كانت الدولة تعتمد على المصارف اللبنانية لشراء سنداتها المالية العالمية، لافتةً إلى أن المصارف لن تستطيع شراءها هذه المرة. وفي هذا الإطار، نقلت الوكالة عن الخبير أنطوني سيموند قوله: “في الماضي، كانت المصارف المحلية هي المشترية الهامشية لليوروبوند”.
من ناحيتها، تابعت الوكالة، قبل عامين فحسب، احتفظت المصارف اللبنانية بأقل من 20 مليار دولار من سندات اليوروبوند اللبنانية، لافتةً إلى أنّ هذه القيمة بلغت ما يزيد عن 16 مليار دولار بحلول شهر تموز الفائت، وذلك بعدما كانت قد انخفضت إلى نحو 13 مليار دولار في نيسان.
وشرحت الوكالة بأنّ لبنان يعاني من عجز دائم في الموازنة وفي الحساب الجاري، مذكرةً بتحذير وكالة “ستاندرد أند بورز” للتصنيف الائتماني في آب من أن معدلات الدين العام المرتفعة أصلاً ستواصل ارتفاعها. كما ذكّرت الوكالة بأنّ صندوق النقد الدولي دق في حزيران الماضي ناقوس الخطر، داعياً لبنان إلى إجراء إصلاحات مالية “فورية وأساسية”.
وتابعت الوكالة بأنّه في ظل ضعف النمو وغياب مصادر العملات الأجنبية التقليدية وانخفاض عائدات السياحة والاستثمارات الأجنبية نتيجة للتوتر الإقليمي من جهة والحرب المستمرة في سوريا من جهة ثانية، زاد اعتماد لبنان على تحويلات وودائع المغتربين المقدرة بمليارات الدولارات في المصارف اللبنانية زاد اليوم.
وأشارت الوكالة إلى أنّ المصرف المركزي لطالما اتخذ الإجراءات التي ساعدت على زيادة احتياطي العملات الصعبة، مبينةً أنّ لبنان أعطى الأولوية لاحتياطات العملات الأجنبية لتثبيت سعر صرف الليرة التي رزحت تحت ضغوطات شديدة مؤخراً.
ونقلت الوكالة عن الخبير جايسون تورفي قوله إنّ ميزانية لبنان هي الأسوأ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بل العالم الناشئ، وتحذيره من أنّ هروب رأس المال المستدام سيستنزف احتياطيات النقد الأجنبي بسرعة ويجبر السلطات في النهاية على خفض قيمة الليرة.
في المقابل، بيّنت الوكالة أنّ عدداً كبيراً من الاقتصاديين يعتبر هذا السيناريو متشائماً جداً، إذ يقولون إنّ المستثمرين الأجانب يتحكمون بنسبة 11% فقط من الدين اللبناني.
وفي هذا السياق، نقلت الوكالة عن كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس، نسيب غبريل، قوله: “(..) يقوم فرق كبير بين مواجهة تحديات ومواجهة انخفاض قسري في قيمة الليرة والتوجه إلى سيناريو شبيه بما حصل في اليونان أو تركيا”.
من ناحيته، لفت سايموند إلى أنّ هندسات المصرف المركزي المالية لدعم الاحتياطات بالأجنبية نجحت حتى الآن، مستدركاً بأنّ اعتماده على تدفقات الودائع بالعملات الأجنبية من المصارف التجارية يعني أنّ الوضع يشبه سلسلة بونزي.
إذ قال: “خلق المصرف المركزي نظاماً يدفع بموجبه المال لأحدهم ليدفع لآخر لجلب المال، وهذا ينجح، إلاّ أنّه قد يفشل في نهاية المطاف، ولذلك عليهم (اللبنانيون) القيام بإصلاحات بشكل سريع”.
ختاماً، حذّرت الوكالة من أنّ حلول الأزمات التي يعاني منها لبنان تبدو بعيدة المنال، مؤكدةً أنّ الإصلاحات المالية لا يمكن أن تُجرى إلاّ بعد تشكيل الحكومة.