يعود الحراك الى الشارع في الثالث عشر من تشرين الاول الجاري وذلك بعد غيابه لسنوات نتيجة لعدة اسباب جوهرية اهمها الاختلاف ما بين مكونات الحراك من حيث شكل التحرك والعمل والظهور الاعلامي وسقف المطالب.
اضافة الى محاولات ضربه شعبيا بغطاء سياسي من خلال اتهامه بالسير بمخططات خارجية تشبه ما حصل في الدول المحيطة والقريبة من لبنان. فالحراك الذي برز وجذب اللبنانيين بعيد فترة ما سُمّي حينذاك بالربيع العربي، تأثر بما آلت اليه النتائج المخيّبة للثورات فلم يستثمر بالشكل المطلوب ولم يثمر ابدا.
تفسيرات اخرى خرجت لتدحض تلك الفكرة، أبرزها أن لبنان دولة لا تشبه معظم الدول العربية من حيث نظام الحكم الواحد، وبالتالي فإن هذا الامر ساهم بتقوية النظام اللبناني لحدود استحالة اسقاطه في الشارع. فالتغيير في لبنان لا يكون بإسقاط رأس الهرم، انما يفترض ان يبدأ باستئصال الفساد من داخل المؤسسات.
عودة البعض إلى الشارع اليوم لم تأتِ من فراغ، فتراجع الوضع الاقتصادي في لبنان في السنة الاخيرة بشكل ملحوظ ساهم برفع أصوات اللبنانيين تجاه الفساد، وبعدما كان التصويب عليه قبل ثلات سنوات محدودا ضمن مبادرات فردية، باتت اليوم مواقع التواصل الإجتماعي تضج بأوجاع اللبنانيين، الذين كسروا حاجز تسمية الفاسدين كل من منطلقه ونظرته.
واشارت مصادر اقتصادية مطّلعة أن لبنان يمرّ بعجز اقتصادي تاريخي لم يحدث سابقا، فبعدما كان عدد المدينين في لبنان يتراوح الى نحو النصف مليون مواطن تجاوز عددهم اليوم المليون.
والملفت في هذا الإطار أن نسبة القروض الممنوحة للإستثمار البسيط لا تتجاوز 1%، فيما الغالب الأعم من القروض يُطلب لتسهيل مصاريف الحياة اليومية، والاقساط التعليمية على سبيل المثال، كما أن بعضها يراد به تسديد دين شخصي آخر.
وإذ تداعت مجموعة من اللبنانيين لتحرّك نوعي قد يكون الأوّل من نوعه في لبنان، حيث سيقومون بإطفاء محرّكات سياراتهم ليومي السبت والأحد المقبلين، وذلك احتجاجًا على الإرتفاع المتزايد لأسعار الوقود.
يقول مراقبون أن عودة اللبنانيين إلى الشارع سواء كان من خلال الاعتصام او التحرّك رفضاً لارتفاع أسعار الوقود يأتي كمقدمة لإنفجار اجتماعي كبير، فسياسة “الترقيع” لم تعد نافعة وهناك في لبنان من تجاوز خطوط الفقر بأشواط.