بعنوان “حلٌ في الغيوم.. مؤتمر سيدر فرصة أخيرة أم وهم؟”، نشرت مجلة “اكزيكوتيف” مقالاً مطوّلاً، قالت فيه “مر نصف عام على انعقاد مؤتمر سيدر الاقتصادي للتنمية من خلال الإصلاحات مع القطاع الخاص، وهو الأحدث ضمن سلسلة طويلة من المؤتمرات الدولية التي تهدف إلى دعم لبنان غير المستقر”.
وكانت نتيجة مؤتمر “سيدر” الذي حظي بأكبر قدر من الاهتمام في لبنان، وعود مالية بدعم وتمويل التنمية بما قيمته 11 مليار دولار. وقد انقسمت الأموال المخصصة في سيدر إلى نوعين : القروض الميسرة التي توفر حوالي 10.2 مليار دولار والمنح التي تبلغ حوالي 800 مليون دولار. علمًا أنّ البنك الدولي هو المساهم الرئيسي، حيث التزم بتقديم مجموعة من القروض الميسرة والمسهلة بقيمة إجمالية تبلغ 4 مليارات دولار.
وبما أن “سيدر” عُقد قبل شهر واحد فقط من الانتخابات النيابية في لبنان، فقد تم تحديد تشكيل الحكومة والإصلاحات المالية كشروط أساسية لتنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها في المؤتمر. ولم تتأخر عملية تشكيل الحكومة فحسب، بل تأخّرت الإصلاحات التي تتوقعها الدول المانحة.
وسألت المجلة “في ظل ظروف داخلية كهذه، هل ستتاح لمقترحات سيدر النجاح، بالنظر إلى الديناميات الإقليمية والمصالح المتعارضة في لبنان؟ هل يمكن أن يستمر اقتصاد لبنان رغم المؤشرات الاقتصادية المقلقة؟ هل هناك علاقة سببية محتملة بين الانهيار المحتمل للاقتصاد اللبناني وتجدد تدفق النازحين إلى أوروبا؟”، هذه أسئلة لا يمكن للمراقبين الدوليين والمحليين تجاهلها.
ولفتت المجلة الى أنّ الرئيس سعد الحريري قدّم “سيدر” على أنه مشاركة جادة من قبل المجتمع الدولي يمكن أن تدفع لبنان إلى البدء في تنفيذ الإصلاحات وبناء دولة متقدمة، كخطوة نحو زيادة الاستقرار والنمو والتوظيف.
واستندت رؤية الحريري إلى أربع ركائز: زيادة مستوى الاستثمار العام والخاص، ضمان الاستقرار الاقتصادي والمالي، إجراء إصلاحات شاملة، بما في ذلك مكافحة الفساد وتحديث القطاع العام وإدارة المالية العامة، ووضع استراتيجية لتعزيز وتنويع القطاعات الإنتاجية في لبنان وتحقيق إمكانياتها للتصدير.
وأشارت المجلة الى أنّ التاريخ يعلمنا أن لبنان كان منذ أمد بعيد بؤرة للمشاكل التي تجري في أماكن أخرى، فالأزمات الإقليمية تؤثر بشكل مباشر على اقتصاده وأمنه.
وخلال سرد الأحداث والصعوبات المالية التي مرّ فيها لبنان، ذكّرت الصحيفة بأنه بين عامي 1990 و 1992، ساء الوضع الاقتصادي في لبنان بسرعة. وبلغ سعر الصرف 2800 ليرة مقابل الدولار الواحد خلال صيف عام 1992، وارتفع معدل التضخم إلى ما يزيد عن 100 في المئة، مما خلق موجة احتجاجات هددت بالتسبب في جولة جديدة من الصراعات الداخلية.
وينتمي معظم اللاعبين الكبار في عملية تخفيض قيمة الليرة في تلك الفترة إلى ما يطلق عليه الكثيرون “نادياً لبنانياً” من السياسيين وكبار المصرفيين. ثمّ سردت المجلّة كيف استعادت الليرة قيمتها مع تأمين استقرار وهدوء في لبنان.
كما أوضحت المجلّة أنّ الدول الأوروبية تخشى من موجة نزوح جديدة، ومن هنا فإنّ استعداد المجتمع الدولي لمساعدة لبنان يعتمد على العديد من الاعتبارات السياسية والاستراتيجية.
على الصعيد الدولي، يرجع ذلك جزئياً إلى تدفق النازحين، فإن موقع لبنان الاستراتيجي في شرق البحر الأبيض المتوسط يجعله المنطقة الأخيرة قبل الإنتقال الى البر الرئيسي لأوروبا.
وتشهد أوروبا صعود الأحزاب اليمينية، ووصول نازحين على نطاق واسع في السنوات الأخيرة. بالمقابل، يستضيف لبنان حالياً أكثر من مليون سوري إضافة الى آلاف اللاجئين الفلسطينيين.
وبهذا المعنى ، يمكن اعتبار “سيدر” بمثابة محاولة من قبل الدول الأوروبية لاحتواء أزمة النازحين المستمرة من خلال جلب بعض الاستقرار إلى لبنان.
وبعد التعلم من الماضي، ختمت المجلة بأنّ الفرصة سانحة لاعتبار “سيدر” حافزًا لنموذج اقتصادي لبناني أكثر ديناميكية، أو كفرصة أخرى ضائعة لتحقيق التقدم الاقتصادي والاستقرار المطلوب بشدة في البلاد.