بينما تقترب الإدارة الأميركية من فرض عقوبات جديدة على حزب الله، يُعاد فتح قضايا متعلقة بنشاطات الحزب. وقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية القصة الكاملة لعلي كوراني المتهم بالتجسس لمصلحة الحزب في الولايات المتحدة.
كان كوراني قبل عامين ونصف العام يحتسي القهوة في مقهى ستاربكس في كوينز في مدينة نيويورك، عندما اقترب منه، وفق الصحيفة، عميل في مكتب التحقيقات الفيدرالي. وقال إنه يريد التحدث إليه ثم اصطحبه إلى مطعم ماكدونالدز القريب، حيث كان ينتظر عميلان آخران، وواجهوه بعلاقته بحزب الله. لكن كوراني رفض التعاون معهم وقال لهم إنه ليس الرجل المنشود.
بعد مرور نحو عام على اجتماع ماكدونالدز، غير كوراني، وفق الصحيفة، رأيه وعرض مساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالي. في مقابل ما يعتقد أنه وعد بالحصانة من المقاضاة والمساعدة في مسألة عائلية. لقد أخبر العملاء في سلسلة من 5 مقابلات أنه طوال سنوات كان “ناشطاً” مع حزب الله، ووضع أهدافاً لاستهداف مطار كينيدي الدولي وتقديم المعلومات إلى شخص يعمل معه في لبنان.
وبدلاً من أن يُكافأ كوراني البالغ من العمر 34 عاماً على تعاونه، فإنه الآن ينتظر المحاكمة في مانهاتن بتهمة الإرهاب. وإذا أُدين، يمكن أن يحصل على حكم بالسجن مدى الحياة. واللافت، وفق الصحيفة، أنه في أوراق المحكمة، يظهر كوراني رجلاً عاش حياة مزدوجة، يتنقل بين عالمين، أحدهما نسخة برونكس من الحلم الأميركي، والآخر شبكة جهادية سرية.
ممثلو الادعاء اتهموا كوراني بأنه أخبر عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي بأن مدربيه اللبنانيين أصدروا تعليمات له بالحفاظ على حياة طبيعية ظاهرية، وفي الوقت نفسه جمع المعلومات الاستخبارية في انتظار أن يتم تفعيلها للقيام بأنشطة إرهابية. وفي حين أصر محامو كوراني على خداع مكتب التحقيقات الفيدرالي لموكلهم، رفض القاضي الفيدرالي، ألفين ك. هيلرشتاين هذه الحجج وقال إن الخطر الذي يشكله كوراني على الشعب الأميركي كبير.
دخل كوراني الولايات المتحدة في العام 2003، وبعد خمس سنوات بحسب اعترافاته تم تجنيده للانضمام إلى الجناح العسكري لحزب الله المسؤول عن مكافحة التجسس والأنشطة خارج لبنان، وأصبح مواطناً أميركياً في العام 2009، وهو العام الذي تخرج فيه من كلية مدينة نيويورك مع شهادة في الهندسة الطبية الحيوية.
وقال ممثلو الادعاء إن جوازات سفره تظهر رحلات إلى لبنان مرة واحدة على الأقل من العام 2005 إلى العام 2015. وفي نيويورك، أمضى كوراني أياماً في استطلاع الأهداف المحتملة للهجمات، بما في ذلك مبنى 26 فيدرال بلازا، وهو المبنى الذي يضم مكاتب التحقيقات الفيدرالي في نيويورك. ومنشأة تابعة للحرس الوطني للجيش في مانهاتن. ومرفق الخدمة السرية في بروكلين. وقال إنه “مكلف” أيضاً بتقديم معلومات عن الأمن في القنصلية الإسرائيلية في نيويورك.
في وقت مبكر من العام 2012، استجوب محققو الشرطة في نيويورك، كما تذكر الصحيفة، كوراني في منزله، وسألوا عن علاقته بحزب الله. وبعدما التقى به العملاء في كوينز، كان في طريقه للانتقال إلى شيكاغو، حيث وجد عملاً مديراً في شركة للأجهزة الخلوية. وهكذا كرت السبحة، إذ التقوا به في العام 2016 مراراً وتكراراً في نيويورك وشيكاغو وأماكن أخرى.
بعدما رفض كوراني مساعدتهم، بدأ العملاء يتصلون بعائلته وأصدقائه، بحثاً عن معلومات. وفي صيف العام 2016، بينما كان يقضي عطلة في لبنان، احتدم خلافه مع زوجته بسبب شائعات انتشرت تفيد بأنه كان مخبراً للحكومة الأميركية، ووصلت الأمور كما يصف كوراني بتصريح مكتوب إلى إطلاق حزب الله الرصاص على منزل عائلته في لبنان بعدما قامت زوجته، التي تربط عائلتها صلة قوية بالحزب، بترحيل طفليها إلى كندا.
أثار كوراني في كل اجتماع قضية أطفاله، وقاده العملاء وفق محاميه إلى الاعتقاد بأنهم سيساعدونه، وبأنهم “سيفعلون كل ما بوسعهم” لإيصال أطفاله إلى الولايات المتحدة بأمان في حلول آب 2017 ، لكن لم يحدث شيء من هذا. ما يلقي كثيراً من الغموض على هذه القضية، ففريق الدفاع عن كوراني يؤكد أنه تم قمعه على أساس أنه تم الحصول على اعترافاته بطريقة غير سليمة. “ولولا لم يتلاعبوا به، لما قال كلمة واحدة”.
ويقابل هذا الكلام تشديد العملاء الفيدراليين على أنهم لم يقدموا وعوداً ولم يُسمح لهم بوعده بالحصانة أو المنافع المحتملة الأخرى له أو لعائلته.
من المقرر إجراء محاكمة كوراني في آذار 2019، وتوحي المعطيات بأن القاضي الفيدرالي الأميركي ألفين ك. هيلرشتاين يتجه لإدانته والحكم عليه بعقوبة قاسية مع عدم توفر أي دليل على الوعود التي عرضها عليه مكتب التحقيقات الفيدرالي.
سامي خليفة