الحكومة السيدرية : هكذا ستولد !

إذا أردنا أن نماشي موجة التفاؤل، التي تعلو وتنخفض كطقس تشرين، نستطيع القول أن الحكومة قد اصبحت على قاب قوسين أو أدنى من أن تبصر النور، فور عودة الرئيس سعد الحريري من الأردن بداعي واجب عزاء.

وذلك لإستكمال آخر حلقات التواصل بين مختلف الأفرقاء، الذين ستتشكل منهم الحكومة، إذ لم يبق سوى عقدة وصفها الحريري بنفسه، بعد لقائه الرئيس نبيه بري، بأنها “صغيرة”، وعلى الأرجح هي عقدة تمثيل “القوات اللبنانية” بما يتناسب مع حجمها التمثيلي النيابي والشعبي.

وبما يوازي من حيث الأهمية وزارة العدل، خصوصًا أن الرئيس المكلف يصرّ على أن يكون لـ”القوات” وجود فاعل داخل الحكومة، التي يُنتظر منها أن تكون منتجة هذه المرّة أكثر من المرّة السابقة، وبالأخص في ما يتعلق بمشاريع “سيدر 1”.

وهي ستحمل هذا العنوان كتسمية محتملة كما كانت الحكومة السابقة تحمل عنوان “إستعادة الثقة”، وهي لم تستطع إقناع الناس بإستعادة ثقتهم بها وبالدولة ومؤسساتها.

أما إذا أردنا أن نكون لا متفائلين ولا متشائمين، أي متشائلين، على حد تعبير مستعار من الرئيس بري، الذي لا يزال ينتظر فول الحكومة حتى يصير في المكيول ويتصاعد الدخان الأبيض من مدخنة القصر الجمهوري، فنقول أن تفاصيل “العقدة الصغيرة” ستأخذ بعض الوقت لإيجاد حل لها.

وربما ستتزامن هذه الحلحلة مع إطفاء رئيس الجمهورية شمعته الثانية لكي يبدأ سنته الثالثة من عمر العهد بحكومة “صافي يا لبن”، بعدما قدّم الجميع تضحيات، وربما قدّم البعض تضحيات أكثر من غيرهم، على حدّ قول الرئيس الحريري، تاركاً باب الإجتهاد مفتوحًا على مصراعيه لمعرفة من ضحّى أكثر مِن مَن حتى تسلك الحكومة الطريق السوي، مع ضمان عدم تعرضها لـ”الفركشة” في منتصف الطريق أو عند المفارق والمنعطفات.

ووفق المنطق فإن من مصلحة العهد أكثر من أي طرف آخر الإسراع في قيام حكومة، يقال أنها حكومة العهد الأولى أو حكومة ما تبقى من سنوات العهد، ولذلك يبدو طبيعيًا أن يكون هو المضحّي أكثر من غيره.

إلاّ إذا كان المقصود بكلام الرئيس الحريري “القوات اللبنانية”، التي طلعت من مونة وزارة العدل من دون حمص، على أن تعطى وزارة موازية لها من حيث الأهمية التي ستلحظها مشاريع “سيدر1”.

وهي إما وزارة الصناعة وأما وزارة الإقتصاد والتجارة، اللتين يعّول على دورهما في تحريك عجلة الإنتاج كثيرًا في المرحلة “السيدرية”، وهكذا تكون ما يسمى بعقدة “القوات” قد انتهت بأنها ضحّت أكثر من غيرها، وهي التي تقول أن ليس هناك وزارات مهمة بل وزراء مهمون.

وهم الذين يجعلون بأدائهم المميز، الوزارات العادية وزارات مهمة، وهذا ما يفترض أن يكون سائدًا في ثقافة تحمّل المسؤولية ومواجهة التحديات في الظروف المصيرية الصعبة والدقيقة، خصوصًا أن الإقتصاد المحلي وصل إلى مرحلة لفظ الأنفاس الأخيرة.

اندريه قصاص

اخترنا لك