هل تطال العقوبات على حزب الله البلديات ؟

لا ينحصر القلق من العقوبات الأميركية الجديدة، التي فرضتها الإدارة الأميركية على “حزب الله”، بقيادة الحزب فقط، بل يطال الدولة ككل خوفاً من ارتدادات سلبية على المصارف والاقتصاد الذي يعاني اصلاً من ازمة كبيرة، نتيجة تأخير تشكيل الحكومة، ما يمنع لبنان من الاستفادة من المشاريع التي تم إقرارها في مؤتمر “سيدر” في شهر نيسان الماضي.

واكد بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية، ان القانون الذي اقره الكونغرس ووقعه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في الساعات الماضية، “يعزل” ما يسمى “حزب الله” عن النظام المالي العالمي بصورة تفوق اي وقت مضى، وفقاً لما اوردته شبكة “سي إن إن” الإخبارية.

ولا يستبعد خبراء اقتصاديون ان تطال العقوبات الأميركية الجديدة الاقتصاد والمصارف اللبنانية في حال عدم تدارك الأمور. واعتبر رئيس منظمة “جوستيسيا” الحقوقية الدكتور بول مرقص، الذي يتابع تفاصيل هذا القانون عن كثب من واشنطن، “ان القانون الجديد اشبه بنسخة مطورة عن قانون العام 2015”.

لافتاً إلى “انه لا يحمل بطياته ادوات تنفيذية جديدة بقدر ما يحمل رسالة متجددة عن عزم الإدارة الأميركية فرض المزيد من العقوبات عند الاقتضاء”. وقال مرقص لـ”الشرق الأوسط”، “بغض النظر عن الموقف السياسي من هذا القانون، فالمفترض استدراك عواقبه على المصارف اللبنانية لجهة حماية تعاملاتها مع المصارف الدولية المراسلة حتى لا تندفع باتجاه قطع التعامل مع الساحة المصرفية اللبنانية او التخفيف منه”.

وشدد مرقص على “ان المصارف الدولية المراسلة تأخذ هذا القانون على محمل الجد، باعتبارها لا تطبقه حصراً بتعاملاتها بالدولار الأميركي، بل بكل العملات المتداولة حول العالم”، لافتاً إلى “ان القانون الجديد يلحظ تعديلاً بالمهل المناطة بالإدارة الأميركية للعودة إلى الكونغرس بنتائج تنفيذه، ما من شأنه ان يعطي زخماً اكبر لعملية التنفيذ”.

اضاف “إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك اوباما لم تزخّم موضوع العقوبات ولم تمتثل للمهل الموضوعة في القانون السابق، لكن هذه الإدارة من المرجح ان تفعل”، مشيراً إلى “انه يجب عدم التقليل من حجم عواقب هذا القانون، لكن في الوقت عينه عدم المبالغة فيه وإرساء حالة ذعر”.

وقال ترمب “ان العقوبات الجديدة على “حزب الله” تهدف إلى حرمان الحزب من الحصول على موارد لتمويل نشاطاته، متوعداً بإجراءات إضافية، علماً بأن العقوبات على الحزب تتزامن مع استعداد واشنطن لتطبيق حزمة جديدة من العقوبات على طهران، وتستهدف مبيعات النفط الإيراني وقطاع البنوك.

وتندرج كل هذه العقوبات في إطار سياسة واشنطن الجديدة للضغط على إيران لـ”الكف عن التدخل في حربي سوريا واليمن في إطار سياسة خارجية لدعم حلفائها في المنطقة”، وفق تعبير الرئيس الأميركي.

وكانت وزارة الخزانة الأميركية، فرضت في ايار الماضي، عقوبات جديدة على اعضاء من القيادة العليا في “حزب الله”، بينهم امينه العام حسن نصر الله ونائبه نعيم قاسم، إضافة إلى افراد لهم صلة بالحزب. إلا انه وبحسب علي الأمين المعارض الشيعي البارز لـ”حزب الله”، فإن “مخاطر العقوبات الجديدة مرتبطة بتنفيذ واشنطن للقانون بحذافيره، باعتبار ان ذلك يسمح بأن تطال العقوبات جهات متعاونة مع الحزب، وان لم يكن بإطار تعاون مشبوه، وهنا نتحدث عن قوى سياسية كما عن افراد”.

وقال الأمين لـ”الشرق الأوسط”، “هناك عشرات البلديات في الجنوب والبقاع، وحتى في بيروت، يرأسها عناصر واشخاص ينتمون للحزب، ما من شأنه ان يؤدي إلى إرباك كبير في حال طبق القانون بحرفيته”، لافتاً إلى “ان السؤال الأساسي المطروح هو ما إذا كان هذا القانون سيكون حصراً سيفاً مسلطاً تحاول من خلاله واشنطن فرض شروط معينة في المرحلة السياسية الراهنة، ام ان التوجه هو لتطبيقه بحذافيره”.

ويعتبر الكاتب والمحلل السياسي، المتخصص بشؤون “حزب الله”، قاسم قصير، “ان الحزب، كما إيران، تمكنا في الفترة الماضية من امتصاص اي تأثيرات او تداعيات لكل هذه العقوبات، خصوصاً بعد تعاون الأوروبيين والروس والصينيين مع طهران في هذا المجال”، لافتاً إلى “ان الظروف الدولية والإقليمية لا تساعد ترمب في هذا المجال”.

وقال قصير لـ”الشرق الأوسط” “حزب الله”، ومنذ تأسيسه، لا علاقة له بالنظام المالي العالمي، وقد تمكن من إنشاء نظام مالي خاص به، ما يجعل اي عقوبات جديدة محدودة التأثير”.

بولا اسطيح

اخترنا لك