لم يكن “مولود” الحكومة أن يبصر النور حتى جاءت “رصاصة الرحمة”، لتقضي على أمله بالحياة، اذ تعثرت الولادة حتى باتت بحاجة إلى عملية قيصرية لا تفضي إلى مولود يتمتع في مقومات الحياة هذا إن لم يتم إجهاضه، بإعتذار يلجأ إليه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري كان قد لوح به في حال الإصرار على تمثيل “سنة 8 أذار” من ضمن حصة تيار المستقبل.
الحريري أدى قسطه للعلى، وبذل أقصى جهوده من أجل حلحلة أغلب العقد، فهو كان قد قطع وعد بشكل غير مباشر للبنانيين بإمكانية ولادة الحكومة هذا الأسبوع، ليفاجأ بأنه ثمة عقد جاهزة في كل مرة تطفو إلى السطح عندما تصل التشكيلة إلى خواتيمها.
فبعدما فُككت عقدة “القوات اللبنانية” التي روّج بانها “ام العقد” تبيّن انها جزء صغير من عقدة اكبر، تمثلت في العقدة “السنّية” ، فمن جهة يرفض الحريري رفضاً قاطعاً “التسلل” الى حصّته الوزارية المؤلّفة من خمسة وزراء واقتطاع جزء منها لصالح توزير شخصية سنّية من بين النواب الستة الذين يطالبون بتمثيلهم.
عارضاً توزيرهم من حصّة من يدعم مطلبهم، والا “فتّشوا عن غيري”، وفي الجهة المقابلة حزب الله ومعه حركة امل يساندون هؤلاء ويعتبرون ان من حقّهم الاستيزار، وأنه يجب أن” يأخذ كل صاحب حق حقه”.
يتوزع نواب اللقاء التشاوري الستة على الكتل النيابية التالية: فيصل كرامي وجهاد الصمد في التكتل الوطني المستقل، قاسم هاشم في كتلة التحرير والتنمية، الوليد سكرية في كتلة الوفاء للمقاومة.أما عبد الرحيم مراد وعدنان طرابلسي فلا ينتميان الى أي كتلة.
من هذا التوزيع، ينطلق تيار المستقبل ليرفض توزير سنة الثامن من آذار، معتبراً أن الكتل التي ينتمون اليها سبق أن أخذت حصتها في الحكومة بعد إحتساب هؤلاء النواب ضمن أعدادها النهائية.
فإلى اين سيصل هذا الاشتباك السياسي؟ وهل سنشهد حكومة في المدى القريب؟ وهل بالإمكان أن يتراجع الحريري عن قراره؟ وما هي تحضيرات تيار المستقبل لمواجهة المرحلة المقبلة؟
في السياق، شددت مصادر مستقبلية ان “الحريري لن يقبل بتوزير هؤلاء في الحكومة وليس وارداً عنده ابداً، وكلامه “فتّشوا عن غيري” اكبر دليل” على ذلك، معتبرةً ان “كل الاحتمالات مفتوحة”، لافتة المصادر نفسها في حديث لـ”ليبانون ديبايت”، إلى أن “تركيبة البلد لا تسمح بأن يتدخّل فريق معيّن في حصّة الاخرين ويُحدد حجمهم التمثيلي، خصوصاً مع موجة التمثيل الطائفي والمذهبي التي وللأسف تجتاح البلد”.
وعن ما يشاع من معلومات عن ان “التيار” يعدّ لتحرّكات شعبية في مناطق عدة دعماً لموقف الحريري، أكدت أن “المعلومات المُروّجه هدفها التشويش على مسار تشكيل الحكومة”، مشددة على أن “سياسة التيار لا تستند إلى أي تحركات تثير الفوضى والمزيد من التشنج، لان البلد لا يحتمل أي تصعيد في الشارع، بل يحتاج الى حكمة وهدوء”.
وسألت المصادر “أين كان الـنواب الـ 6 الذين يضمّهم ما يُسمى “اللقاء التشاوري للسنّة المستقلين” عندما أجرى الحريري مشاوراته مع الكتل النيابية في مجلس النواب؟!”، وفي حال إستمر الفريق الآخر في التشبت برأيه، إعتبرت المصادر المستقبلية بأننا “ذاهبون إلى أزمة طويلة الأمد”.
إلى ذلك، رأت مصادر مطلعة على مشاوارت التأليف ، أن “عقدة ما يُسمى بـ”سُنة 8 آذار” هي عقدة مفتعلة لتطويق الرئيس سعد الحريري، وأن كل ما يحصل من عرقلات هدفها إحراجه لإخراجه”، ولفتت المصادر في حديث لـ”ليبانون ديبايت”، إلى أنه “بعدما شهد البلد نوع من التوافق بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري على أهمية وضرورة الإسراع في عملية التشكيل لإنقاذ البلد سياسي وإقتصاديا”.
وأشارت المصادر إلى أنه “بدا لافتاً الدور الذي لعبه حزب الله هذه المرة بشكل مباشر لعرقلة التشكيل فهو إلتزم الصمت طيلة الفترة الماضية ليخرج عن صمته في الربع الساعة الأخير مظهراً عقدة جديدة وهي إصراره على توزير أحد “المستقلين السنة”، لتطويق الرئيس الحريري وإضعافه”.
رماح الهاشم