ونحن؟ نحنُ العالقين على طريق خبزنا اليومي. أيُّ ذنبٍ اقترفناه؟
بينَ “مرتَزَق ساجِد” و “ناطور البناية”( والتشبيهانِ شِبهَتانِ مُهينَتان)،صرنا مرتزَقةً لرغيف الخبز ونواطير للجوع الصامت في بيوتنا.
ما أكثَر الدواليب في وطني.شديدةُ الإشتِعال.جاهزةٌ على قارعةِ الطريق.بجميع القياسات ” ولدينا دواليب للمقاساتِ الكبيرة”.دخانُها باب أول،كثيفٌ ويدوم ومع زوائد حاجبة للرؤية وقاتلة لكل الأمراض الصدريّة.
دواليبٌ طائفيّةٌ أصيلة.إخراجاتُ قيدِها صالحة لأكثر من ثلاثة أشهر حرب شوارع. مجمركةٌ بفتنة نائمة ومسجّلة في دوائِرِ الميكانيك تحت عبارة ” شديدة الإشتعال” ومدفوعٌ ثمنُها سلفاً من غبائِنا الوطني.
اليوم “مرتَزَق ساجِد” و “ناطور البناية” وغداً “أحفاد الشيطان” و ” يوضاس الوطن” وبعده استعارات أخرى مُبدِعة من كعبِ دستِ الطوائف.
وطنٌ علامته الفارقة الإسفاف والإنتماءُ اليه تُهمة.
حبَّذا لو أحرقنا الدواليب لارتفاع أسعار المحروقات.أو المنافسة غير المشروعة. أو ضريبة الأملاك المبنية.أو رسوم التسجيل.أو المدرسة الرسمية.أو البطالة.يا حبَّذا.نقفِلُ الطرقاتَ خلافاً على خطة أو برنامج أو فكرة أو حتى حديقة أو قطة مجهولة المصير ولكن أن نقفلَها كرمى لعيون زعيم أو طائفة أو مذهب أو إله مزيّف فِيا للعجب .
نحرقُ دواليبَ العالَم كلِّه من أجلِ حقٍّ مسلوب وقضيةٍ إنسانيةٍ وكرامةِ شعبٍ ومطلبٍ نقابيٍ وخدمةٍ عامة ولا نحرقُها من أجلِ حقدٍ دفين وخلافٍ على السلطة وكرامةِ شخص ومطلبٍ فئوي وخدمةٍ خاصة.
فلنتحوّل إلى شعب.عيبٌ أن نبقى زُمَراً.نحنُ زُمَرٌ نحب مسالِك بلا إنارة.لسانُنا مقصلة.كلامُنا طلقَة نار وجاهزون لحرب أهلية في غضون دقائق.
فلنتحوّل إلى شعب حتى لا نبقى متسكِّعين.عيب.عند سقوطِنا لن يلمَّنا أحدٌ.ستفوحُ منّا رائحةُ الدواليب.لن يستقبِلَنا أيُّ حمّامٍ تركي ولن ينفع معنا أيُّ مستحضَرٍ أوروبي للتلميع.
نحنُ فقط زعماء على الدواليب وَنَحْنُ فقط دواليب لزعمائنا.نحرقُ الدواليب ونحترقُ مثلها بدخانٍ قاتل.تركونا بلا علمٍ ولا عملٍ ولا صنعَة ولا رجاء وسلّحونا بالدواليب.
فلنَخرج من شحتارِ التسكّع.فلنبكِ على ما فعله بِنَا زعماؤُنا منذ ثلاثينَ سنةً.فلنمسَح أدمُعَنا بفوطَةِ غَضَب.بين “مرتزق ساجِد” و “ناطور البناية” فلنَكُن نواطير كرامَتِنا ولنبدأ البحث عن وطنٍ يحترمُ أحلامَنا.عن دولَةٍ تقبلُ أن تتحوَّل الى دواليب من أجلِنا، تنقلَنا الى رَجاءِ المواطَنة وأرجائها.عن دولةٍ لا تقبلُ أن نتحوّل فيها الى حَمَلَة شِنَط عند الزعيم وحَمَلَة دواليب دفاعاً عنهم.
عسانا نعرِفُ يوماً أننا لسنا من مطّاط.عسانا…
روني ألفا