جنبلاط يخرج ورقة الرفيق غازي

يجيد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط اختيار اسماء الوزراء والنواب، ويُخضعهم لامتحانات تدور معظم اسئلتها في صلب التركيبة اللبنانية، ولكل واحد منهم تاريخه وعلاقاته على المستوى الحزبي أو الداخلي وعبر الحدود.

معيار هذا الاختيار يحدده جنبلاط نفسه، لأن كل فرد من هؤلاء سيلعب دور “المؤتمن على الرسائل الجنبلاطية” في أكثر من اتجاه اضافة الى عمله كوزير أو نائب.

وبحسب الظروف، يُخرج جنبلاط “اسم” الشخصية التي يجب أن يبرز دورها وفق مقتضيات المرحلة. فالنائب وائل ابو فاعور “الامين” كما يردد جنبلاط على العلاقة بين الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل والمملكة العربية السعودية، له الدور البارز على مستوى التشكيلة الحكومية فهو “مرسال” جنبلاط الى بيت الوسط كما الى السعودية في حال ثمة مسألة عالقة مع “الاخوان” هناك.

أما اليوم فالعلاقة بين جنبلاط وحزب الله ليست على ما يرام، والغيوم الملبدة فوق سماء الضاحية وصولا الى الجبل، تحجب الرؤية عن “انتنات” زعيم المختارة، ما دفع بالامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الى الطلب منه بضبطها لرؤية ما يجري في الاقليم حيث في تنقلب موازين القوى.. لم يتأخر جنبلاط حتى قام بالخطوة، واختار “موقع المدن” القطري الهوى ليعترف بأن موازين القوى “ليست لصالحنا وهناك طرف قوي وأساسي على الأرض من لبنان إلى سوريا والعراق، بينما في اليمن لا بد من تسوية”.

اعتراف جنبلاط بخلط أوراق التوازنات الاقليمية، تبعه تشديد على ضرورة التنازل داعيا الى: “تعيين وزير منهم وتنتهي القصّة”… هنا قالها من دون أي مواربة أو قفازات، متقدما على كل حلفائه وعلى رأسهم الرئيس سعد الحريري بضرورة الاعتراف بأن الطرف الآخر قد كسب المعركة وعلينا الاعتراف وعدم المماطلة والذهاب الى “بلع الموس”.. “البيك” يريد الخروج من المأزق بأقل خسائر ممكنة، لاسيما بعد “حادثة الجاهلية” واعلانه من السراي أنه مع الاجراء الذي اتخذته السلطات القضائية وفرع المعلومات بوجه “الحالة الشاذة” التي لا يمكن أن نستمر بها..

كلام جنبلاط لم تبلعه “حارة حريك” التي وجهت رسالة الى المختارة قبل بيت الوسط بأن وهاب “خط أحمر” وبأن أي حليف للحزب في الجبل أو أي منطقة أخرى لن يكون لقمة سائغة لأحد، وعلى جنبلاط قبل أي شخص آخر فهم هذه الرسالة.

سارع جنبلاط بعد الحادثة الى تلبية دعوة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ف “ضبط انتناته” ووجه أولى اشاراتها الى الضاحية من خلال الوزير السابق غازي العريضي الذي كان الى جانبه النائب وائل أبو فاعور. أخرج جنبلاط ورقة “الرفيق غازي” الذي يتقن جيدا فن الحوار مع الحزب ويمتلك من مفرداته الصحافية “معاجم” من الكلام الذي يعيد ما انقطع مع حزب الله ويزيل “غيمة الصيف” العابرة من الجبل الى حارة حريك.

اختيار جنبلاط للعريضي يأتي في الظروف التي يشعر بها جنبلاط أن ثمة امتعاض من قيادة حزب الله على أداء ال “البيك” والتجارب كثيرة، من أمثلتها قرار “5 ايار” الشهير الذي مهد برأي الحزب لاحداث السابع منه عام 2008، يومها نشط الوزير العريضي على خط حارة حريك وعقدت اجتماعات استثنائية لوقف الاشتباكات وتصويب الامور قبل أن يلتقي الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في العام 2010 وبعدها في العام 2011 ودائما في حضور العريضي.

العريضي الذي يتقن “عَقد ربطة العنق” يُعول عليه جنبلاط بفك العُقد التي تراكمت بين الاشتراكي وحزب الله مع دخول أطراف أخرى على الخط، تبدأ بالجاهلية وتنتهي في آخر قرية درزية على الحدود مع الجولان المحتل وربما أبعد..

علاء الخوري

اخترنا لك