تحاول بعض التصريحات الإعلامية ايحاء عدم الاتفاق العربي على عودة سوريا إلى حضن جامعة الدول العربية بعد أن علقت عضويتها مع بداية الأزمة السورية، بيد أن التطورات السياسية والحراك الدبلوماسي تجاه دمشق يؤكدان أن المشهد عكس ذلك.
لا شك أن سوريا لن تستعيد دورها في جامعة الدول العربية قبل آذار المقبل، لكن الأمر قد يحصل في أواخر الشهر عينه، خلال الدورة الثلاثين للقمة التي تستضيفها تونس.
صحيح أن الرئيس السوري بشار الأسد لن يحضر اجتماعات الجامعة العربية في تونس، بيد أن مصادر مطلعة على الموقف الأميركي تؤكد لـ”لبنان24″ أن عودة دمشق الى “أحضان الجامعة” ستحصل لا محالة. وفي معطيات المصادر عينها، فإن أربعة دول هي مصر، الأردن، سلطنة عمان، والجزائر، ستتقدم خلال قمة تونس باقتراح العودة السورية.
لافتة إلى أن هذا الاقتراح سيحظى بتأييد عدد كبير من الدول التي بدأت تنتهج سياسة جديدة تجاه العلاقة مع النظام السوري مع خلط الأوراق الاميركية الجديد وسياسة البازارات الدولية والغربية والتي كان آخرها قرار الرئيس دونالد ترامب الانسحاب العسكري من سوريا المترافق مع تأكيدات أميركية أن واشنطن لا تريد تغيير النظام في سوريا ولن تقف ضد الدول العربية التي تريد عودة سوريا الى الجامعة او تمنعها من التصويت لصالح الاقتراح، علما ان هناك توجها خليجيا.
بحسب المصادر للعودة السورية، والذي عبر عنه لقاء كان الاول منذ الازمة السورية بين وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة والوزير وليد المعلم على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في ايلول الماضي، علما ان خبراء في القانون الدولي رأوا أن إنهاء تعليق عضوية سوريا يمكن أن يتم قبل آذار المقبل في خلال اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، لا سيما ان قرار تعليق عضويتها اتخذ على هذا المستوى.
لا ريب أن دعوة الأسد إلى القمة الاقتصادية المنوي عقدها في لبنان الشهر المقبل لن تحصل، فالرئاسة اللبنانية لن تقدم على خيار كهذا من جراء الانقسام السائد على الساحة اللبنانية، علما أن أوساطا متابعة ألمحت لـ”لبنان24″ إلى محاولات ربط تأليف الحكومة بدعوة الأسد إلى قمة بيروت الاقتصادية، وغمزها في الوقت عينها من قناة فتح الحدود الأردنية السورية على خط معبر نصيب، في موازنة، بقاء الحدود السورية مقفلة أمام المنتجات اللبنانية، مع طرحها تساؤلات تعتبرها الأوساط مشروعة ومفادها أنه “إذا كان النظام السوري يقترب من تطبيع علاقته مع أوروبا، مع تاكيد الاوروبيين انفسهم ان تجميد هذه العلاقات بين الاتحاد الاووربي والبرلمان السوري لم يساعد على عملية السلام بل عقدها، فكيف بالحري مع لبنان”؟
لا يختلف المراقبون عن أن زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق في 16 من الشهر الجاري والتي تعد الأولى لرئيس عربي منذ اندلاع الأزمة السورية في العام 2011 قد خلقت متغيرا جديدا لا سيما أنها حملت، بحسب المصادر المطلعة على الموقف الأميركي، دعما خليجيا لعودة سوريا إلى الجامعة؛ علما أن هذه الزيارة العربية لن تكون الوحيدة، فالامارات العربية المتحدة قد تكون الدولة الثانية بعد السودان، ومسؤولوها من المرجح، بحسب المصادر عينها، ان يحطوا عقب قمة آذار المقبل في دمشق بشكل رسمي بعيداً عن الزيارات السرية.
فالرئيس التونسي يعتزم إجراء مشاورات خلال القمة الاقتصادية التنموية في لبنان بشأن دعوة الأسد إلى الدورة الثلاثين للجامعة، في حين أن دمشق بدأت من جهتها رفع السرية عن زيارات مسؤوليها إلى بعض الدول العربية، فزيارة اللواء علي مملوك إلى مصر لم تكن سرية كالزيارات السابقة، وناقشت وفق المصادر عينها، تعزيز التنسيق الأمني والعسكري بين البلدين والذي لم ينقطع منذ العام 2013، فالقاهرة قدمت لدمشق خلال السنوات الماضية صواريخ قصيرة المدى استخدمها الجيش السوري في معاركه ضد المسلحين.
ما تقدم، ليس بمنأى عن الدور الروسي لعودة سوريا الى جامعة الدول العربية. فموسكو، تعتبر، بحسب مصادر ديبلوماسبة، أن استعادة دمشق لمقعدها سيكون له دور في عملية التسوية السياسية، مع تأكيد مصادر سورية لـ “لبنان 24” أن روسيا لعبت دورا في هذا المجال مع الدول الرئيسية في مجلس الجامعة لأنها اعتبرت منذ البداية أن قرار تعليق العضوية خطأ كبير، لا بد من الرجوع عنه، لا سيما لجهة الدور المحوري الذي قد تلعبه سوريا في إعادة الإستقرار للمنطقة.