هذا ما يخسره لبنان كل يوم تأخير بتشكيل الحكومة

لا خرق في ملف تعطيل تشكيل الحكومة. عاصفة “الطبيعة” ما بين “نورما” و”ميريام”، طغت على ما عداها من أحداث تلت خيبة عاصفة “الوزير الملك”، بعدما تأمل اللبنانيون خيراً في تشكيلة حكومة تخرج المؤسسات من حال الشلل. وإذا كان تشكيل الحكومة مهمة صعبة، فإنّ الأخطر هو ما يتكبده لبنان إقتصادياً جراء كل يوم تأخير، فماذا في الأرقام؟

إقتصادياً، لا علاقة لحكومة تصرّف الأعمال بالموازنة، فغياب الحكومة الأصيلة يعني أنّ قواعد الصرف أو ما يُعرف بالإنفاق تبقى بحسب القاعدة “الإثني عشرية”، لتعذر رفع الموازنة الجديدة الى مجلس النواب في حالة تصريف الأعمال.

ولإرتباط مجموع الخسائر التي يتكبدها لبنان جراء التأخر في تشكيل الحكومة بخدمة الدين العام بالدرجة الأولى وغياب الفرص الإقتصادية من جهة ثانية، تنقسم الخسائر التي يتكبدها لبنان بين إقتصادية ومالية، وسط الخشية من تدهور إقتصادي، وخصوصاً لإرتهان ملف تشكيل الحكومة لكثير من الخلافات الداخلية والأجندات الخارجية التي تعرقل سير التشكيل بعد حوالي 8 أشهر من المماطلة والعجز عن إتمام المهمة.

وبحسب الخبير الإقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة، فإنّ كل يوم تأخير في تشكيل الحكومة يكلّف الخزينة 25 مليون دولار أميركي، والأسوأ أنّ الرقم مرجح الى الإرتفاع وقد يصل لمئة مليون دولار في حال إستمر البلد بلا حكومة جديدة حتى العام 2020.

ويشرح عجاقة في حديث خاص لـ”لبنان 24″، أنّ السبب الأساس في ذلك مرده الى “خدمة الدين العام أولاً، يُضاف اليها إعادة الجدولة التي تكلّف لبنان الكثير، مترافقة مع غياب الفرص الإقتصادية، وما يتصل بها من تداعيات وخيمة”.

وفي التفاصيل، فإنّ “عجز الموازنة يؤدي حكماً الى تراجع قدرة الدولة على الإستثمار وبالتالي فإنّ مداخيل الضرائب لا تكفي لتغطية الإنفاق العام وخدمة الدين العام، لإنّه لا يوجد نشاط إقتصادي محفز”.

وعليه، فمن الضروري “الإسراع في تشكيل الحكومة لتحقيق خطوة أولى تتمثل في تنفيذ مشاريع “سيدر 1″ من جهة، ولجم العجز في الموازنة من جهة ثانية، بحيث سيكون لذلك تداعيات إيجابية على خدمة الدين العام بالأخص والإقتصاد بشكل عام نت ناحية خفض الفائدة، وتشجيع الإستدانة بهدف تمويل الإستثمارات”.

ويُفصّل عجاقة الخسائر الناتجة عن عدم تشكيل الحكومة على الإقتصاد اللبناني الى خسارة موزّعة على الشكّل التالي:

(1) عدم خفض عجز الموازنة 2 مليون دولار أميركي.

(2) عدم تطبيق الشق الإستثماري في “سيدر1″، 500 ألف دولار أميركي على الخزينة.

(3) عدم تطبيق توصيات صندوق النقد الدولي في الشق الإصلاحي 5.3 مليون دولار أميركي.

(4) عدم تنفيذ إصلاحات من خارج “سيدر “1، 6.9 مليون دولار أميركي.

(5) عدم أخذ قرارات إقتصادية ومالية 1.13 مليون دولار أميركي.

(6) غياب الفرص الإقتصادية 6.63 مليون دولار أميركي “حرمان الخزينة من مداخيل”.

ماذا إن إستمر تأخير التشكيل؟
وماذا إن إستمر تأخير تشكيل الحكومة؟، يقول عجاقة: “إن الكلفة سترتفع إلى مستويات أعلى خصوصاً خدمة الدين العام تحت تأثير فقدان الثقة وإرتفاع حاجة الدوّلة إلى المال لتمويل إنفاقها مما يؤدّي إلى إرتفاع تلقائي للفوائد إلى مستويات قد تصل معها الخسارة اليومية إلى 75 مليون د.أ يوميًا”.

وبحسب عجاقة فإنّه من الواضح أن هناك “حملة ممنهجة على الوضع المالي عبر كثرة التقارير الدولية التي تُظهر فقط النقاط السلبية في الإقتصاد والمالية العامّة دون أن يكون هناك إظهار للنقاط الإيجابية”.

فمن يقف وراء ذلك؟، يقول عجاقة: “الفرص الإقتصادية الكامنة في لبنان نتيجة الإستثمارات في قطاعات إنتاجية (غير الخدمات) والتي تُثير شهية المُستثمرين العالميين هي السبب الأساسي مما يدفعهم إلى دفع الأموال للقيام بالدراسات وإظهار الأرقام السيئة بهدف قطف الفرص بأبخس الأثمان”.

ويضيف: “من المُمكن أن يكون للكيان الإسرائيلي يدًا في هذا الأمر كوسيلة لتأخير النهوض الإقتصادي في لبنان ومنع المُستثمرين من القدوم إلى لبنان.

وبغض النظر عن السبب، أتى تأكيد إجتماع بعبدا أنس والذي ضم رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة المكلف، وزير المال في حكومة تصريف الاعمال، حاكم مصرف لبنان، رئيس جمعية المصارف ورئيس لجنة المال والموازنة في مجلس النواب، ليُطمئن الأسواق أن لبنان قادر على سد إستحقاقاته وأن مُشكلة تشكيل الحكومة هي سياسية صرف.

زينب زعيتر

اخترنا لك