حافلة تقف على الحدود : حزب الله عاد أدراجه ؟!

نجحت حافلة الطائف في نقل القادة اللبنانيين في العام 1989 الى مدينة الطائف لوضع صيغة توافق تحفظ التوازنات الداخلية فاكة بذلك عقارب الحرب اللبنانية التي عاثت في البشر والحجر سنين طوال.

الاّ ان هذه الحافلة لم تستطع حتى الآن من عبور الحدود السورية الملاصقة للحدود اللبنانية لاخراج الواقع السوري من ألسنة نيران الصراعات الدائرة على أرضها. ربما لا يمكن مقارنة واقع الحرب في لبنان في حينه مع واقع الحرب في سوريا اليوم نظرا لتبدل الظروف والادوات ودخول عناصر جديدة بعناوين واهداف مختلفة.

الا انه لا شك انه يوجد في مكان ما قواسم مشتركة اقله لناحية القوى الكبرى اللاعبة على خط الدولتين اللبنانية والسورية والتي ما تبدل يوما مشروعها ولا استراتيجيتها السياسية في المنطقة مع تسجيل تبدل واضح في تكتيكها السياسي.

باختصار، ما يمكن قراءته حتى الساعة في الواقع السوري تحديداً انه يزداد تعقيداً مع بروز عدة معطيات تؤكد اتجاه سوريا نحو مزيد من الاستنزاف بمعية الجهات المستفيدة وهذا ما عبرت عنه موسكو عبر المتحدثة باسم وزارة خارجيتها ماريا زاخاروفا في تصريح لها بأنه : “ينبغى ألا يسمح مطلقاً بأن تتحول سوريا التي تعاني من صراع مسلح منذ سنوات الى ساحة لتسوية الحسابات الجيوساسية”.

لاشك ان الاستنزف المقصود يتم في عدة اتجاهات فمن جهة تسعى طهران للاستفادة من غبار الحرب السورية لتعزيز وجودها في الساحة السورية ليس على المستوى العسكري فحسب بل ايضا على المستوى الجغرافي والديمغرافي والاقتصادي عبر التغلغل في مفاصل الدولة بهدف انتزاع وجود شرعي لها يستحيل معه نزعه.

وفي هذا المجال لا بد من الاشارة الى الاستعدادات الايرانية لمد سكة حديدية تربط ايران بدمشق عبر العراق وصولا بسواحل البحر المتوسط والذي سيسهم بشكل او بأخر بتعزيز الدعم العسكري اللوجستي والمادي لمقاتليها ولحزب لله.

وفي المقابل تستمر واشنطن في زيادة الضغوط على حلفائها لرص حلف اقليمي في مواجهة ايران والذي سيتكلل في مؤتمر سيعقد في العاصمة البولندية وارسو في شهر شباط المقبل في ظل مقاطعة روسية وسعي اوروبي لتجنب الانزلاق في نتائجه.

أمام هذا المشهد، يتضح ان حافلة الحل التي مرت في لبنان محتجزة حاليا وهذا ما عكسه مشهد القمة الاقتصادبة في بيروت مؤخرا والذي رسم مشهد لبناني مهتز يكاد يتماهى في طبيعته مع المشهد السوري، اضف اليه الاستمرار في المماطلة بالسير بأي حل يعيد الحياة لعجلة مؤسساته انطلاقا من ملف الحكومة العالق عند اشارة السير الخارجية.

اذ يبدو ان حزب الله ليس متحمساً للاسراع في تشكيلها اذا لم يكن التشكيل وفق ما تشتهيه سفنه، فاولوياته الاستراتيجية عادت لتتقدم على اولوياته في السلطة خاصة وانه حصل على غطائه الشرعي الاقوى عبر الانتخابات النيابية وبالتالي ان الاسراع في تشكيل الحكومة لن يكون كاف ليقيه شظايا نتائج “وارسو”.

من هنا يقودنا ذلك الى نتيجة واحدة وهي ان حافلة الحل لن تعاود مسارها قبل نجاح المساعي في استدراج الدول العربية تحديدا الى سوريا حيث حينها يمكن فتح بازار التفاوض مع ايران وحليفها حزب الله توصلا لحل يحفظ ما امكن من التوازن الداخلي في سوريا بما يسهم بشكل او بآخر في فك حجز حافلة الحل ايضا في المسار السياسي اللبناني.

ميرفت ملحم

اخترنا لك