بعد مرور شهرٍ على إعلان الرئيس نجيب ميقاتي العمل على إعادة ضخّ النفط من العراق إلى منطقة البداوي عبر مصفاة طرابلس نتيجة التواصل القائم بين الجهات السلطات اللبنانية والعراقية في هذا الصدد.
أعلن أمس الجمعة وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال، سيزار أبي خليل توقيع عقد تطوير منشآت تخزين النفط في طرابلس مع شركة “روسنفت” الروسية بحضور السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبيكين.
تفاصيل العقد
وبحسب تفاصيل العقد، فإن الشركة المملوكة من الحكومة الروسية بنسبة 51 في المئة، ستستأجر سعات تخزينية من منشآت النفط، بعد أن يتم بناء الخزانات، ولمدة 20 عاماً.
وسيتم في المرحلة الأولى بناء 14 خزاناً بسعة 428 ألف طن (تعادل مصروف لبنان من المشتقات النفطية لشهرين)، وهذه المرحلة ستحتاج إلى 18 شهراً لإنجازها، من تاريخ توقيع العقد مع الشركة التي ستنفذ عمليات البناء. بعد ذلك، يُفترض أن تبدأ المرحلة الثانية من العقد، والتي ستضيف 32 خزاناً إلى المنشآت بقدرة استيعابية تقدّر بمليون طن.
نتائج جيوسياسية للبنان وروسيا
وفي هذا الإطار، اعتبرت صحيفة “الأخبار” انه إذا كان فوز الشركة الروسية قد جاء نتيجة تقديمها العرض الأفضل في المناقصة، من الناحية المالية، فإن ذلك لا يلغي النتائج الجيوسياسية لهذا الفوز بالنسبة إلى كل من لبنان وروسيا.
فلبنان سيضمن وجود النفط على أراضيه بوصفه مخزوناً استراتيجياً، فيما سيشكّل رفع العلم الروسي فوق المنشآت في طرابلس خطاً أحمر يمكن أن يسهم، إضافة إلى سلاح الردع، في حمايتها مستقبلاً، بعدما كانت إسرائيل تستسهل قصف خزانات النفط اللبنانية، كما جرى في عام 2006.
وأكثر من ذلك، ثمة من يأمل أن يسهم الوجود الروسي في الشمال، كما في سوريا، مستقبلياً، في حل الخلاف على ترسيم الحدود البحرية مع سوريا، وخاصة في البلوك رقم واحد.
أما من ناحية روسيا، فوجودها في لبنان سيثبّت أقدامها في المنطقة أكثر فأكثر، في التجارة، كما في السياسة، إذ ستؤمّن مركزاً ومنفذاً على البحر المتوسط لتصريف إنتاجها النفطي في المنطقة، ولا سيما من الحقول التي تعمل على تطويرها في العراق.
علما انه يعود مطلب تشغيل مصفاة النفط في طرابلس، إلى 4 سنوات خلت، في عهد تولي الوزير جبران باسيل لوزارة الطاقة. غير أنّ عرقلته، كانت نتيجة تفاقم الأحداث العسكرية في سوريا، مكان مرور خطّ الأنبوب الذي يصل إلى العراق، من دون أن يتأذى بأي تفجير.
تاريخ مصفاة طرابلس
وكانت مصفاة طرابلس قد دخلت مرحلة الشلل الكامل في العام 1992، إثر صدور قرار وزاري بإقفالها، بحجة الصيانة التي لم تبدأ ولم تنتهِ. وحسب القانون الذي صدر في أيار 1931 قامت شركة نفط العراق (IPC) ، (شركات بريطانية، هولندية، فرنسية)، بنقل النفط الخام المنتج في كركوك – العراق، وذلك من خلال خطوط أنابيب النفط الممتدة من العراق عبر سوريا، إلى المصب في طرابلس لتصديره وتصفيته. وبعد 9 سنوات، جرى إنشاء المصفاة لتصفية النفط الخام المستورد عبر خطوط أنابيب من حقول كركوك في العراق، تولت الحكومة اللبنانية إدارة هذه المنشآت، في العام 1973.
والجدير ذكره أنّ منشآت النفط في طرابلس تنقسم إلى 3 مديريات رئيسية: مديرية المصب، مديرية المصفاة والمديرية المالية، قبل أن يتم استحداث مديريات جديدة وهي: الفنية، شؤون الموظفين والدائرة الطبية حسب الإمتياز المصادر عليه.
ومن المؤكد ان إعادة تطوير منشآت النفط في طرابلس وتأمين مدخول إضافي لها، سيعزّز الثقة بالاقتصاد اللبناني.
ميقاتي يثمن
وفور توقيع العقد أمس، غرّد الرئيس نجيب ميقاتي قائلا ان الاتفاق مع شركة “روسنفت” لإعادة تطوير منشآت النفط في مدينة طرابلس خطوة في مسيرة تحريك العجلة الاقتصادية والانمائية في الفيحاء الغالية. وأضاف ميقاتي: “نحن، إذ نثمن هذه الخطوة وندعمها، نأمل ان تليها خطوات تثبتها بشكل شفاف وواضح ومنتج لتحقيق الغاية المنشودة.”