بقلم داود رمال
@DaoudRammal
تشكل زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي إلى بيروت محطة سياسية جديدة تأتي في لحظة شديدة الخطورة داخليا وإقليميا، إذ يتقاطع توقيتها مع ارتفاع منسوب الخشية اللبنانية من توسع دائرة الحرب الإسرائيلية على لبنان، ومع تسارع حركة الاتصالات العربية والدولية لدرء الانفجار الشامل.
والزيارة لا يمكن النظر إليها بمعزل عن التحرك المصري الذي برز بقوة في الأسابيع الماضية، بدءا من حضور القاهرة في ملف غزة، وصولا إلى زيارة رئيس المخابرات العامة اللواء حسن رشاد إلى بيروت، بما حمله ذلك من إشارات واضحة حول عودة مصر إلى دورها التقليدي في لبنان كضامن سياسي وديبلوماسي، ووسيط يملك شبكة علاقات قادرة على النفاذ في عمق التناقضات المتشابكة.
وقال مصدر ديبلوماسي لـ«الأنباء»: «الدور المصري لم ينقطع يوما عن لبنان، بل تراجع ثم عاد وفق الظروف الإقليمية. واليوم تعود القاهرة إلى الساحة اللبنانية في لحظة دقيقة للغاية، تخشى فيها التداعيات الواسعة لأي انفجار كبير. ومصر تستعيد موقعها التاريخي حين كانت العواصم الغربية والعربية تعتمد عليها جسرا إلزاميا لتفادي الحروب، والتحرك الذي تقوم به يدخل في صلب الجهود الرامية إلى منع حصول عدوان واسع على لبنان».
وأشار المصدر إلى «أن ما ينقل في الكواليس الديبلوماسية عن اتصالات مكثفة تجريها مصر مع إسرائيل ودول القرار، يعكس قلقا جديا لدى القاهرة من احتمال توسع دائرة النار. لذا بادرت إلى التواصل على أعلى المستويات، بهدف ثني إسرائيل عن أي خطوة دراماتيكية قد تغير قواعد الصراع وتدفع لبنان نحو المجهول».
وأضاف المصدر: «الحضور المصري في بيروت لا يهدف فقط إلى قياس المزاج السياسي الداخلي، بل يأتي أيضا لتثبيت شبكة أمان للبنان، والتأكيد أن القاهرة لم تتخل يوما عنه، وهي مستمرة في دورها بصفتها شريكا سياسيا وتاريخيا في حماية الاستقرار اللبناني، خصوصا في مراحل التفلت الإقليمي التي تهدد بإعادة لبنان إلى مراحل الصدام الكبرى».
واعتبر المصدر «أن زيارة بدر عبدالعاطي تكتسب أهمية إضافية لأنها تأتي استكمالا لمسار من الاتصالات الرفيعة التي أجراها الوزير المصري على هامش قمة جوهانسبرغ مع وزيري خارجية السعودية وفرنسا، إلى جانب اتصالاته مع قطر وإيران وعواصم أخرى، في إطار مبادرة مصرية متكاملة تهدف إلى حماية لبنان ومنع الحرب من اجتياحه مجددا. وهذا الزخم يعكس إدراكا مصريا بأن الوقت ليس لصالح أحد، وأن الدقائق السياسية الحالية أثقل من أن تترك للصدفة».
ولفت المصدر «أن لقاءات الوزير عبدالعاطي في بيروت ستتركز على إعادة تثبيت الثوابت المصرية تجاه لبنان، انطلاقا من دعم الدولة ومؤسساتها، والتشديد على ضرورة توحيد الجبهة الداخلية لتفادي الأسوأ، مع التأكيد أن القاهرة لن تقف مكتوفة الأيدي في هذه الظروف الدقيقة. وما يحمله معه الوزير عمليا سيظهر خلال الساعات المقبلة، وأن زيارة بدر عبد العاطي ليست زيارة رفع عتب، بل محطة يمكن البناء عليها سياسيا وديبلوماسيا في مواجهة احتمالات الانفجار الشامل».