بقلم نظام مير محمدي – خاص بوابة بيروت

كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني
مرة أخرى، يدق جرس الحقيقة في أروقة الأمم المتحدة، حيث أصدرت الجمعية العامة قرارها الثاني والسبعين في إدانة الانتهاك الفاضح والمنهجي لحقوق الإنسان من قبل نظام ولاية الفقيه في إيران.
هذه الإدانة الدولية الجديدة ليست مجرد رقم يُضاف إلى السجل الأسود للنظام، بل هي شهادة عالمية على الواقع المرير الذي يعيشه الشعب الإيراني، وتأكيد على أن سياسات القمع، ولا سيما ضد المرأة، جزء لا يتجزأ من هوية هذا النظام وبقائه.
وقد أعرب قرار الأمم المتحدة، الذي تم تبنيه بموافقة أغلبية الدول، عن قلقه العميق إزاء تزايد عدد أحكام الإعدام وتنفيذها، واللجوء إلى التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية في السجون ومراكز الاعتقال، وقمع الحريات الأساسية، والتمييز المنهجي ضد المرأة والأقليات.
إن تركيز المجتمع الدولي على هذه النقاط يدل على أن جرائم النظام لم تعد خافية على أحد، وأن محاولاته لتجميل صورته عبر الدبلوماسية المخادعة قد باءت بالفشل التام.
في هذا السياق، كانت شهادة السيدة ماي ساتو، المقررة الخاصة لحقوق الإنسان في إيران، خلال مفاوضات اللجنة الثالثة للجمعية العامة، ذات أهمية قصوى. فقد أوضحت بوضوح أن القمع في إيران ليس أمراً عشوائياً، بل هو سياسة حكومية منظمة.
كما أن الإشارة المباشرة إلى القمع الوحشي للنساء والفتيات الإيرانيات اللاتي يطالبن بحقوقهن الأساسية، تفضح جوهر أيديولوجية نظام ولاية الفقيه، وهو نظام يرى في المرأة الحرة والواعية تهديداً وجودياً له.
يعتقد النظام الملالي أن إخضاع المرأة هو المفتاح لإخضاع المجتمع بأكمله. ومن ثم، جعل الخميني قمع النساء حجر الزاوية لحكمه منذ يوم اغتصابه سلطة الشعب الإيراني بعد الثورة المناهضة للشاه.
إن قوانين الحجاب القسري، والتمييز في مجالات القانون والعمل والأسرة، والاعتقالات التعسفية، كلها أدوات لكسر إرادة المرأة الإيرانية ومنعها من أداء دورها الطبيعي في قيادة التغيير الاجتماعي والسياسي.
لكن ما فشل النظام الإيراني في إدراكه هو أن هذا القمع الجامح قد أتى بنتائج عكسية. هذا القمع حوّل المرأة الإيرانية من ضحية إلى قوة رائدة في الكفاح من أجل الحرية.
فالنساء اليوم لا يشكلن أغلبية المشاركين في الانتفاضات الشعبية فحسب، بل يضطلعن أيضاً بدور قيادي في تنظيمها واستمرارها، كما يتجلى في الدور المحوري للنساء في معاقل الانتفاضة.
تقدم المقاومة الإيرانية، بقيادة السيدة مريم رجوي، بديلاً ديمقراطياً يضع المساواة بين الجنسين في صميم برنامجه. وتضمن الخطة العشرية للسيدة رجوي لإيران الغد صراحةً المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية وإلغاء جميع أشكال التمييز. هذا النموذج هو النقيض التام لنظام ولاية الفقيه، ويمثل الأمل الذي يناضل من أجله الشعب الإيراني.
إن الإدانة الـ ٧٢ التي أقرتها اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة هي خطوة ضرورية، لكنها ليست كافية. يجب على المجتمع الدولي أن يحوّل هذه الإدانات إلى إجراءات ملموسة وخطوات عملية. يجب محاسبة المسؤولين الرئيسيين للنظام على جرائمهم ضد الإنسانية، والاعتراف بحق الشعب الإيراني في مقاومة هذا النظام وإسقاطه.
إن دعم نضال نساء إيران والمقاومة المنظمة التي يقودونها، ليس مجرد موقف أخلاقي، بل هو استثمار في مستقبل مستقر وديمقراطي لإيران والمنطقة.
إن صمود وريادة المرأة الإيرانية في ساحات النضال، هو الضمان الأكيد لتحقيق الانتصار الحتمي على نظام الظلام والجهل.