بيتر جرمانوس عن ‏الزمن الجميل… ‏رسالة للجيل الجديد

‏عقد جميل عشناه بين ١٩٩٥ و٢٠٠٥، كان معاش العسكري ١٢٠٠$ وكان بإستطاعته شراء اللحوم لبيته، كنا نغير السيارة كل بضعة سنوات ونقسط الثمن على البنك بمعاملة تأخذ نصف ساعة.

كنا إذا تعطلت الغسالة قمنا بتغييرها بدلاً من محاولة إصلاحها، وكانت المكيفات تدور بمنازلنا ٢٤/٢٤، وكان هناك ماء ساخنة. كان معظم كبار السن لديهم خادمات منزليات. كان لدينا كهرباء ٢٤/٢٤ ومستشفيات ومدارس وقضاء وعدالة.

كان معظم اللبنانييون يسافرون الى تركيا خلال العطل، كان بإمكاننا الاقتراض من البنك لشراء منزل او تعليم ولد. كان بإمكان الشباب بناء العائلات هنا في لبنان.

‏كنا نعيش كالملوك، وذلك بعد عهد عون المشؤوم الذي شغل قصر بعبدا بين ١٩٨٨ و ١٩٩٠ وهجر نحو نصف مليون لبناني وقتل الآلاف وأخذ صيغة النساء وهرب.

ثم، وبلعنة القدر، عاد من المنفى وعاد وشغل قصر بعبدا سنة ٢٠١٦ فانتهى العهد المشؤوم في ٢٠٢٢ وقد قضى على كل ما هو جميل في بلد الأرز والبخور، وهجر مجدداً نصف مليون لبناني، وهجرت الكهرباء البيوت وعم الظلام، وأصبحت اللحوم من النوادر، وجاع العسكري، وافترقت العائلات، وافتقر الأغنياء، وأثرت المافيات، وذل الكريم، وكُرِم الذليل، وانحدرت الاخلاق، وهدم القضاء، ودمر المؤسسات، ثم بعد أن أوصلنا الى جهنم، ذهب هو ليتقاعد في قصره بهناء على إحدى روابي بيروت، ولصهره وأعوانه قصور في قارات العالم الشاسعة…

وهو صاحب القول الشهير : “يلي عندو طيارات، منو أذكى مني”.

فعلاً ذكي، تليق به قصيدة الشاعر بن مساعد احترامي، “احترامي للحرامي”.

‏هل تتذكرون الزمن الجميل ؟

تذكروه واخبروا أولادكم، تماماً كما كان يخبرنا أهلنا عن لبنان الستينات.

أخبروهم عن الزمن الجميل، والعهد القبيح، الذي لا يزال مستمراً من خلال الصهر العظيم.

أخبروهم ان لبنان لم يكن دوماً بهذا القبح، وان المستقبل الأكثر مرارةً هو من صنع الشرير الماكر.

وأوصوهم كي يصلوا، أن يصلوا كثيراً حتى لا تتكرر هذه اللعنة بحق لبنان، هذا الفيض الشيطاني الذي أغرق لبنان.

‏إذا أراد الشعب يوماً أن ينتحر، فلا بد أن يستجيب القدر، وإذا أراد أن ينتفض فلا بد أن تأتي الساعة.

‏( من أجل خلود )

اخترنا لك