“الحكمة” تحتضن الـ “1701 والإستراتيجية الدفاعية” في حوارٍ أنيق

بقلم طوني كرم

إحتضنت جامعة الحكمة أمس، مؤتمراً تفاعلياً تقدّمته شخصيات دينية وسياسيّة وأكاديمية إلى جانب الطلاب والباحثين في الحقوق والعلوم السياسيّة والعلاقات الدوليّة؛ لتعمد ومن خلال تفرّدها في أوج المخاطر التي تهدّد لبنان ومستقبل أبنائه إلى وضع مدماك أساسي ومتين، لـ»حوار أنيق» وفق توصيف النائب محمد خواجة، حول «القرار 1701 والإستراتيجيّة الدفاعيّة الوطنيّة». وذلك، قبل أن يطرح رئيس أساقفة بيروت للموارنة وليّ جامعة الحكمة المطران بولس عبد الساتر على المؤتمرين، «ما إذا كان التوصّل إلى إقرار إستراتيجيّة دفاعيّة تعمد إلى تحصين لبنان وتُمتّن الحوار والوحدة الوطنيّة ممكناً في ظل شيطنة فئة من الشعب اللبناني».

توقّف عميد كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية البروفسور أنطونيوس أبو كسم، عند رمزيّة تاريخ «14 آذار» وانطلاق ثورة الأرز (2005)، ليأمل أن يُشكّل 14 آذار 2024 تاريخ انطلاق الحوار حول تحصين سيادة لبنان، وأن يشكّل هذا المؤتمر حافزاً لتطبيق القرار 1701 الذي يكرّر المطالبة بانسحاب الجيش الإسرائيلي، ويدعو صراحة أيضاً إلى تطبيق اتفاق الطائف الذي بقي «دماً على ورق». بدوره أوضح رئيس جامعة الحكمة البروفسور جورج نعمة، أنّ «ما يجمع المحاضرين من مختلف التوجهات والتكتلات والأحزاب، هدف وحيد أوحد، ألا وهو الدفاع عن لبنان وحفظ سيادته ووحدة أراضيه».

أمّا وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب، فاعتبر في كلمة الإفتتاح أنّ «بوابة الحلول مفتاحها إيجاد حلّ عادل ومستدام للقضية الفلسطينية، وذلك إستناداً إلى قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية التي أقرت في قمة بيروت عام 2002». وبعد توقفه عند الإستقرار النسبي الذي حققه القرار 1701 في لبنان، قبل أن تنسف أحداث غزة قواعد اللعبة، لفت إلى أنّ «رؤيتنا من أجل تحقيق الأمن والإستقرار المستدام في جنوب لبنان تقوم على التطبيق الشامل والكامل للقرار 1701، ضمن سلّة متكاملة بضمانات دولية واضحة ومعلنة، وجدول زمني محدّد».

الحلقة الاولى

قاربت الحلقة الأولى التي ترأسها الوزير السابق الدكتور ناصيف حتّي، القوة الإلزامية للقرار 1701 ومفاعيله على السلم والأمن الإقليميين وتحديات التطبيق. وسأل: «هل تكون هناك خريطة طريق لتنفيذ القرار 1701 بطريقة تدريجية وبشكل كامل، وهل تكون هناك تفاهمات جديدة؟ وما إذا سنجد انفسنا في حرب ممتدة من غزة مروراً بالضفة الغربية؟».

وتوقفت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، عند «الآثار الإيجابية للقرار 1701 على السلم والأمن الإقليميين وعلى الاستقرار في جنوب لبنان». وقالت: «أحيانا وخلال الأزمات قد تكون هناك فرص»، داعيةً الأفرقاء السياسيين إلى «اغتنام هذه الفرص لقيادة دولة أكثر اتحاداً ومرونة». أمّا قائد قوة الأمم المتحدة الموقّتة في لبنان أرولدو لازارو، فعرض «تحديات تطبيق القرار 1701، ودور «اليونيفيل». وأشار إلى أنّ «اليونيفيل» تعمل على «التنسيق مع الطرفين لمنع أي حسابات خاطئة أو سوء فهم، رغم أنّ التطورات الأخيرة تشير إلى التحوّل نحو المواجهة بدلاً من التهدئة». ولفت إلى أنه «من المأمول التوصّل إلى حلّ سياسيّ قريباً من أجل حلّ دائم، وهذا سيتضمّن تنازلات من الجانبين».

بدوره، توقف اللواء عباس إبراهيم عند «الخروقات الإسرائيلية للقرار 1701 وللسيادة اللبنانية». واعتبر «أنّ عالماً يقوم على إزدواجية المعايير يبقى سلامه هشّاً ورهن تغيّر موازين القوى». وقال: «منذ عام 2006، وطائرات العدو الإسرائيلي تخترق أجواءنا، وتنتهك سيادتنا برّاً وبحراً وجوّاً، وكل يوم يطالعنا الإعلام بخبر أو أكثر عن اعتداءاتها التي لا تتوقف»، داعياً «المجتمع الدولي أن يقوم بواجبه ويفرض تطبيق هذا القرار على جانبي الحدود، ومنع الخروقات الإسرائيلية والاعتداءات الإسرائيلية التي لا تتوقف».

ثمّ عرضت رئيسة مؤسسة «بيروت إنستيتيوت» راغدة درغام، للمحطات التي سبقت صدور القرار 1701. واعتبرت أن القرار «أصبح حجر أساس لبداية السلام في الشرق الأوسط». وقالت: «اليوم هناك فرصة متاحة لنقلة نوعية في تنفيذ الـ1701، لأنّ الرعاية الأميركية أعتقد أنها جدية وتتمّ عبر هوكشتاين وأيضاً عبر مفاوضات مع «حزب الله» بطريقة غير مباشرة، وذلك باللقاءات المستمرّة مع الرئيس نبيه بري».

الحلقة الثانية

تمحورت الحلقة الثانية على «الإستراتيجية الدفاعية الوطنية: الأساس القانوني والخيارات الدفاعية»، وترأسها الوزير السابق دميانوس قطار، وتحدث فيها الوزير السابق إبراهيم نجّار عن «الإطار القانوني للقرار 1701 وآليات إقراره»، والمواضيع التي تتعلق بشكل مباشر بالإستراتيجيّة الدفاعية. وأكّد أنه رغم الإلتباس القانوني في نص القرار، إلّا أنّ جميع النصوص المرجعيّة أي القانونية تحول دون التنازل عن السيادة، من بينها شعار الشعب والجيش والمقاومة، وانّ ذلك لا يمكن أن يؤدي إلى إلغاء المادة 65 من الدستور التي تجعل قرار الحرب والسلم في يد مجلس الوزراء».

أما رئيس المجلس الدستوري السابق البروفسور عصام سليمان، فتناول «إقرار الاستراتيجية الدفاعية الوطنية عبر الحوار الوطني: نموذج إعلان بعبدا». وأشار بعد تناوله الأخطار الإسرائيلية التي تهدد وجود لبنان، إلى وجوب أن تستعيد المؤسسات دورها بدءاً من إنتخاب رئيس للجمهورية، بالتزامن مع الحاجة الملحة إلى وضع إستراتيجيّة سياسيّة إلى جانب الإستراتيجية الدفاعية».

خواجة

في حين عرض النائب محمد خواجة حيثيات «دور للمقاومة المسلحّة في استراتيجية وطنيّة للدفاع؟»، وكيفيّة إستثمارها على الوجه الأفضل لمواجهة المخاطر الإسرائيلية تحديداً التي يجمع غالبية اللبنانيين عليها قبل أن يختلفوا على كيفية مواجهتها. وقال: «أي نقاش حول الإستراتيجية الدفاعية يجب أن يكون منطلقه كيفية تحصين ثالوث قوتنا، وإبتكار آليات تكامل مرنة بين أضلاع هذا الثالوث الحامي للوطن».

أما «الاستراتيجية الدفاعية الوطنية وإشكالية سلاح المخيمات الفلسطينية «، فقاربها النائب عبد الرحمن البزري الذي اعتبر أن طاولة الحوار عام 2009 أعادت تشريع السلاح الفلسطيني مرّة ثانية، وأصبح على أثرها تواصل بين المنظمات الفلسطينية والجيش اللبناني تمهيداً لجمع السلاح وتنظيمه.

الحلقة الثالثة

بعنوان «الاستقرار في جنوب لبنان: ما بين خيارات تعديل القرار 1701 وإقرار الاستراتيجية الدفاعية الوطنية»، ترأسها النائب سليم الصايغ، وتطرّق إلى سبل حماية لبنان من إسرائيل حتماً كما من الدول الأخرى، إنطلاقاً من إشارته إلى أن ما يحصل في الجنوب منذ 7 تشرين الأول أظهر أنّ السلاح لا يحمي السلاح.

رياشي

تحت عنوان «بسط سيادة الدولة على كافة الأراضي اللبنانية: المتطلبات والمعوّقات»، اعتبر النائب ملحم رياشي أنّ «بسط سلطة الدولة على الأراضي اللبنانية، لا يمكن أن يتم بعد اليوم بخلل قائم على «توازن القوى». ودعا إلى وجوب التوافق على نظام جديد لـ لبنان، ألا هو الحياد والإتحاد. وأوضح أن حياد لبنان الفاعل، يخوّله تحقيق الرسالة التي قام على أساسها. وبعد توقفه عند حيثيات إعادة النظر في تنظيم التنوع الوطني، أكّد أن تحقيق الفيدرالية يتلازم وقيام دولة مركزية تصل الى حدود العلمنة، وتضم مجلس شيوخ إلى جانب مجلس النواب وتراعي ضمان جميع الحقوق للمواطنين.

حايك

«المقاومة الشعبية والاستراتيجية الدفاعية الوطنية الشاملة»، تطرق إليها نائب رئيس «التيار الوطني الحرّ» للشؤون الخارجيّة ناجي الحايك. ورأى أن الإرهاب والأفكار التوتاليتاريّة، والوجود الفلسطيني المسلّح، والنزوح السوري المنظم، والجريمة المنظمة التي تتمّ من خلال الخطف وتصدير المخدرات من المخاطر الداخليّة إلى جانب الميليشيات المسلحة اللبنانية وغير اللبنانية، تعيق الوصول إلى إستراتيجية دفاعية. وطالب بنزع سلاح جميع الأفرقاء في لبنان، حتى وإن كان سلاحهم بحجة الدفاع عن الوطن.

صافي

في حين تطرق الأستاذ الجامعي والقيادي في «الحزب التقدمي الاشتراكي» الدكتور وليد صافي، إلى مسألة «استيعاب المقاومة في الجيش: عن أي مقاربة للاستراتيجية الدفاعية الوطنية؟». ورأى أن الحديث عن الإستراتيجية الدفاعية يجب أن ينطلق من تحديد السياسة الخارجية للبنان، ودوره في مساندة القضية الفلسطينية بعد التداعيات التي تلت تحول لبنان من دولة مساندة إلى دولة مواجهة في السابق. ودعا إلى وجوب التفكير بأدوار أخرى لمساندة القضية الفلسطينية وأن لا تبقى في الخيارات العسكرية التي يمكن أن تدمر لبنان. كما كان لرئيس تحرير صحيفة اللواء صلاح سلام، مداخلة عن «تعديل القرار 1701 وتوسيع سلطة «اليونيفيل»: أيّ حاجة دفاعية؟»

الحلقة الختامية

إستهلّت بعرض تقرير مصوّر للكلية عن «قواعد الاشتباك»، ترأسها الوزير السابق كريم بقرادوني، وشارك فيها المحاضر الأول رئيس جامعة القديس جاورجيوس في بيروت الوزير السابق ممثل الأمين العام السابق للأمم المتحدة في ليبيا طارق متري تحت عنوان «هل الأمم المتحدة قادرة على وضع آلية لإلزام إسرائيل باحترام القرار 1701 ووقف الخروق؟».

فلحة

أمّا المدير العام لوزارة الإعلام الدكتور حسان فلحة (مُمَثلاً وزير الاعلام) فتحدث عن «قرار التجديد السنوي للقوات الدولية»، وسأل: «ما دور لبنان الرسمي في كتابة نص القرار 1701 أو في اعتماده». تابع: «السؤال الجوهري هل استطاعت القوات الدولية أن تقوم بمهامها في منع الهجمات الإسرائيلية أو التخفيف من عملياتها العسكرية أو حماية المدنيين مع بداية حرب تموز على لبنان واثناءها؟ هل استطاعت الحد من الانتهاكات؟».

سليمان

وكانت الكلمة الختامية للرئيس ميشال سليمان الذي قال: «إنّ صيغة العيش المشترك ونظامنا الديموقراطي الميثاقي جعلا لبنان «رسالة أكثر من وطن»، ما شكل تناقضاً مع فكر الكيان الصهيوني الذي جعل من إسرائيل دولة دينية يهودية، فعمل على زعزعة أمننا لإفشال النموذج الذي نمثّله والاعتداء المتكرر على أرضنا وسيادتنا من دون أن نهمل المتاعب التي تأتّت في القرن الماضي. أضاف: «إذ وصل الوضع إلى حافة انهيار المؤسسات والإقتصاد وفقدان السيادة وهشاشة الوضع الأمني، فلا بد من العودة إلى تطبيق الدستور و»إعلان بعبدا» المتكامل مع وثيقة الوفاق الوطني، كما تبرز الحاجة إلى إقرار استراتيجية دفاعية موقّتة تسهم في تنفيذ القرار 1701 وتفعيل قرارات المجموعة الدولية لدعم لبنان».

اخترنا لك