عاش علمانياً مسالماً وقُتل علوياً

بقلم غسان صليبي

صديقي
عبداللطيف علي
من بلدة جبلة على الساحل السوري،
حقوقي وكاتب وشاعر
عاش علمانياً مسالماً
ولم يكف عن انتقاد نظام الأسد
في فترة حكمه وبعد سقوطه
ووجّه أخيراً رسائل عديدة الى الشباب العلوي
يحذّرهم من اللحاق بفلول الأسد
ويدعوعم الى بناء سوريا الموحّدة لجميع السوريين،
وآخر رسالة لهم كانت قبل مقتله بيوم واحد
على يد الاصوليين السنّة،
وقد حذّر الشباب العلوي في رسالته
“أن حماقتهم
ستجرّهم واقرب الناس اليهم
الى نفس المصير الأسود.”

اتصلت به
بعد بدء المجازر بحق العلويين:
– طمني عنك
– اهلاً بك صديقي،
لا اخفيك أن الوضع بالغ الخطورة،
الليلة والغد
سيكونان مصيريين لإهل بلدتنا
صلّوا لأجلنا.
– سأصلّي، بالسلامه انشالله.
– اشكرك صديقي النبيل.

لا أعرف
اذا كان وصفني “بالنبيل”
لصفة فيّ
أو لإنني وعدته بأن أصلّي
وهو يعلم
بأنني لا أصلّي بالعادة،
كما اني لا أعرف
لماذا وعدته بأن أصلي
ولماذا اعتمدت على الله
لكي يؤمّن له السلامه.

عجزه
وعجزي
لم يتركا لنا
سوى الصلاة.
لكن لمن يريدني أن أصلّي،
لإله يقتلون بإسمه ومن إجله،
لإله تعتبره اديانُهم واحداً
يشرف على الجرائم فيما بينهم،
واذا لم اصلِّ له
فهل هناك غيره
من يستطيع صدّهم؟

لم أستطع أن أصلّي
لهذا الإله،
فتخيلّتُ إلهاً
لا يحب القتل
وسألته أن يرأف بصديقي
وبعائلته وبأهل بلدته،
حتى ولو اقتضى ذلك
أن يتعارك مع الإله الآخر.

قُتل صديقي
وكثيرون من بلدته،
ويبدو أن إلهي الذي لا يقتل
لم يستجب
لأنه غير موجود
او لأنه لا زال أضعف
من الإله الذي يحب القتل،
فإلهي يحتاج لكي يقوى
الى جماعة لم تتكوّن بعد
تخلقه على صورتها،
جماعة علمانية مسالمة
تفكك الجماعات المذهبية
بإسم الإنسان والإنسانية.

وُلد صديقي علوياً
وقُتل علوياً،
في حين انه حاول طيلة حياته
أن يرتقي الى رتبة انسان،
المجرّد من العصبيات المذهبية والدينية.

اعتقد بأن صديقي
كان يفضّل أن يُقتل كعلماني
لو اقتضى الامر ذلك،
لكنه شرفٌ انساني
أبت الاصولية الدينية
أن تمنحه اياه،
فهي عدوة حرية الانسان
في الحياة كما في الممات.

ارقد بسلام
يا صديقي
هذا السلام الذي لم تعرفه
في سوريا التي كنت تحب.

اخترنا لك