بقلم غسان صليبي
انها المرة الاولى التي افرح فيها
لفوز التيار الوطني الحر البارحة في جزين،
ليس حباً بالتيار ولا كرهاً بالقوات
بل خوفاً من “التسونامي”
اياً كان بطله.
ربما كان وليد جنبلاط
اول من استخدم تعبير “التسونامي”
متوقعاً ان يحصد التيار العوني آنذاك
معظم أصوات المسيحيين،
ومنذ ذلك الوقت
ونحن نسمّي “تسونامي”
كل ظاهرة انتخابية
تحصل على الأكثرية الساحقة
من أصوات الناخبين من طائفة معينة،
نتيجة موجة عارمة من التأييد
تجرف معها الأصوات،
كما تجرف أمواج التسونامي العاتية
كل ما يقف في طريقها من بشر وحجر وشجر
نتيجة الدفع الهائلة لطاقة المياه.
من حظ المسيحيين ولبنان
ومن حظ القوات إيضاً
الا يكتمل معها التسونامي الانتخابي
في الانتخابات البلدية،
فتسونامي ميشال عون جرف الأخضر واليابس
وأخذنا الى جهنم،
وتسوناميات حزب الله المتتالية
دمرته ودمرت البلاد معه.
التسونامي الانتخابي
يشبه كثيراً التسونامي الطبيعي
ويشكل خطراً على الديموقراطية
تماما كما يشكل التسونامي الطبيعي
خطراً على حياة البشر وعمرانهم.
فمن جهة
ينتزع التسونامي الانتخابي
حرية الانتخاب من الناخب الفرد
ويحوّله الى ضحية للمدّ الجماهيري
في ظروف تاريخية معينة
تجعل من الجماعة الطائفية الناخبة
كتلة واحدة متراصة
تنتخب بحسب ما تعتقد
انها مصلحتها.
ومن جهة ثانية
وكما ان التسونامي الطبيعي
لا يترك الا الخراب من بعده،
كذلك يفعل التسونامي الانتخابي
الذي لا يكتفي بتعطيل إرادة الفرد الناخب
بل يحوّل المنتصر الى مستبد
تتعطل معه الحياة الديمقراطية
التي تتطلب وجود اكثرية عقلانية
واقلية قادرة على المعارضة.
وعندما تتعطّل الديمقراطية
تجنح السلطات في العادة نحو قرارات
علمتنا التجربة انها لا تجلب
لشعوبها الا الخراب.
والتسونامي الانتخابي
أخطر من التسونامي الطبيعي،
لأن ما يخرّبه من عقول ومؤسسات
لا يمكن اصلاحه بنفس السهولة والسرعة
التي يصلح بواسطتهما خراب التسونامي الطبيعي.
شعوبنا المتديّنة تحب التسونامي وتصفق له
لأنها تتوق الى إلغاء الآخر
معتقدة انها الاقوى او الاشرف
بإعتراف الله نفسه،
مستعيدة في ضميرها الجمعي
أسطورة النبي نوح
الذي أخبرنا ان الله اصطفاه هو وجماعته
من بين جميع البشر،
فأنقذهم وحدهم من الطوفان
الذي أراد به تطهير البشرية وتنقيتها.
الطوفان والتسونامي
توأمان،
كلاهما ينصران طرفاً على حساب الآخرين،
ولا يخلّفان وراءهما
سوى الموت.