“#اسرائيل شر مطلق”

بقلم غسان صليبي

لا اتفق
مع النظرة الدينية
الى العالم،
لكني وانا انظر
الى صورة الصبي الذي يركض باكياً
وهو يحمل اخته على ظهره،
يقفز الى ذهني تعبير واحد
وجدت نفسي استخدمه دون تردد
وأضعه عنوانا لنصي: “اسرائيل شر مطلق”،
مستعيرا التعبير من الإمام موسى الصدر.

لا استخدم في العادة
تعابير مثل الخير والشر
واتفادى قدر الامكان الأحكام المطلقة
والجزم في تقييم السلوكيات،
بل احاول مقاربة المواضيع
بمسمياتها الاجتماعية وبتحليلات
تفترض احتمالات الخطأ في الاستنتاجات.

مع ذلك لا اعتقد أنني افتقد
الموضوعية او الحرفية وانا اعلّق
على الصور والفيديوهات القادمة من غزة،
فأنا لم أجد في التعابير الاجتماعية المعتادة
الا العجز المطلق عن الدلالة
على ما تراه عيناي وتسمعه اذناي.

اعترف للإمام الصدر
انه كان الأقدر على وصف اسرائيل،
وربما كان رجال الدين
يلتقطون ببراعة أكبر من العلمانيين،
معنى ممارسات أعدائهم
التي يرتكبونها بإسم الدين.

سبق ان أطلقت تسمية “ثلاثي الموت”
على ثلاثي السلاح والرأسمال والإله الشرير،
الذي يقود الحرب الاسرائيلية على غزة
بغية ابادة من يستطيع ابادته
وتهجير من يبقى على قيد الحياة.

لكنني لم انتبه في حينه
أن توحّد هذا الثلاثي
في تجلياته القصوى في غزة
هو التجسيد الفعلي
لما يمكن ان يكون عليه الشر المطلق.

في الجمعية العمومية للامم المتحدة
التي تبدأ اليوم،
من المتوقع ان يصبح عدد الدول
التي تعترف بدولة فلسطين
١٤٧ من أصل ١٩٣،
ومن بينها اربعة من أصل خمسة
من الدول دائمة العضوية في مجلس الامن،
وهذا ما يسمّى بالأكثرية المطلقة
في احتساب الأصوات في الديمقراطية.

آخذين في الاعتبار ان الشعوب
تؤيد قيام دولة فلسطينية أكثر من حكوماتها
ما يسمح لنا بالقول ان الارادة الانسانية على هذه الارض
تؤيد قيام دولة فلسطينية بشكل مطلق،
هل يمكن الا يكون تجسيداً حيا للشر المطلق
هذا النتنياهو الذي يؤكد
انه “لن يكون هناك دولة فلسطينية”؟

شرٌ مطلق
يلاحق صبياً
يحمل اخته على ظهره،
يبكي ويركض يبكي ويركض،
فيما يظهر على ملامح الأخت الصغيرة
وكأنها عجوز ارهقتها الحياة.

وحده الشر المطلق
قادر على تحويل طفلة الى عجوز،
والبداية الى نهاية
وفرح الطفولة الى رعب وموت.

لكن الصبي
لا يتوقف عن الركض،
يبكي لكنه يستمر في الركض
وكأنه الخير
يعاند للبقاء على أرض فلسطين
فيما يلاحقه الشر المطلق.

اخترنا لك