بقلم خلود وتار قاسم
@kholoudwk
كانت تلك الورشة في عام 2016، مع زميلاتٍ ومناضلاتٍ ما زلنا حتى اليوم نسير معًا على الطريق ذاته، نحاول أن نصنع التغيير في وطنٍ أنهكته الحروب، ونَهشته السرقات، وغرق في حفلات الجنون التي يقيمها الفساد والمحسوبيات والطائفية، بكل أشكالها الاجتماعية والسياسية.
حاولنا، كما حاول كثيرون قبلنا، وما زلنا نحاول… ولكن السؤال المؤلم: لماذا لا نخطو خطوة واحدة ثابتة إلى الأمام؟
لماذا كلّما تقدمنا خطوة، وجدنا أنفسنا نتراجع مئة خطوة إلى الوراء؟
حتى الشعارات التي نرفعها اليوم في ساحاتنا لم تعد تعبّر عنّا، بل باتت شعاراتٍ مستوردة لا تشبه مجتمعنا ولا تربتنا. نردّد مثلاً عبارات مثل “Yes we can” أو “Girl power” أو “Change is coming”, بينما واقعنا يصرخ: نحن لا نزال ندور في الحلقة نفسها!
من خلال تجربتي ومتابعتي الطويلة وتعاطيي مع مختلف المجموعات التي حاولت عبر العقود تشكيل تكتلاتٍ فاعلة، أستطيع القول — بكل تواضع — إن مشكلتنا الكبرى، والتحدي الحقيقي أمامنا، هو غياب الثقة بيننا.
نفتقد التواضع، نفتقد الإيمان بأن العمل الفردي لا يُحدث فرقًا، وأن التغيير الحقيقي يحتاج إلى فريقٍ منسجم، يعرف كلّ فردٍ فيه دوره ومهمّته، ويثق الآخرون بعمله.
نحن ببساطة لا نعرف كيف نعمل كمؤسسة. كلّ شخص يريد أن يكون البطل الأوحد، النجم الذي يدير المشهد بمفرده، فنتحوّل إلى مسرح “الوان مان شو”، وحين يرحل هذا الشخص “أو يُستشهد” ينهار كلّ ما بناه، كأننا لم نبدأ أصلًا.
لهذا السبب، ما زلنا حتى اليوم ندور في دوّامة الأزمات ذاتها: فساد، طائفية، محسوبيات، وانقسام.
ولن نخرج منها إلا حين نتعلّم كيف نثق ببعضنا، ونعمل بقلبٍ واحد من أجل وطنٍ واحد.
نحن بحاجة إلى صدمة وعي، توقظ فينا الإحساس الحقيقي بالمسؤولية تجاه لبنان، ذلك الوطن الذي يستحق أن نحبّه بالفعل، لا بالكلام.