#الوعي في مواجهة #المنظومة : حين تتحوّل الفوضى إلى صناعة والشعوب إلى أسواق

بقلم خلود وتار قاسم
@kholoudwk

ليست المسألة صدفة، ولا هي قدر سماوي. هي منظومة كاملة، مدروسة بعناية، تُطبَّق على ما يُسمّى بـ”الدول النامية” أو “المتأخرة” مثل حالنا.

تبدأ الحكاية دائمًا من شرارة خلاف داخلي: قبلي، مناطقي، ثم يُعاد هندسته ليصبح طائفيًا دينيًا، ومن ثم يُرفَع إلى مستوى صراع كوني.

وحين يشتعل الحريق، تبدأ الشركات الكبرى بالظهور كـ”المنقذ” و”الشريك” و”الداعم”، فيما هي في الحقيقة الوريث الشرعي للخراب.

نصبح نحن السوق. أرضنا تصبح مختبر تجارب. أحلامنا تصبح موادّ دعائية. ووعينا يصبح هدفًا للتسويق.

وحين يتعرّى المشهد، نرى أطفال العالم يجمعون التبرعات لأطفالنا، والمؤسسات الدولية “تستجدي” من أجلنا، بينما ملايين الدولارات تتكدس في الحسابات المغلقة. حتى الشحادة أصبحت قطاعًا اقتصاديًا قائماً بذاته، لها خبراؤها، ومناهجها، وجوائزها. أمّا المؤتمرات، فعناوينها كبيرة: المسؤولية المجتمعية – Social Responsibility. لكن خلف الستار، الربح هو الفرض الأول، والإنسان آخر بند في الميزان.

والمفارقة المؤلمة، إنّ إصلاح الجذور يعني نهاية الأرباح، ولذلك لا أحد يريد حلًّا حقيقيًا. الدوامة يجب أن تبقى تدور.. لكي تبقى “الأسواق” حيّة.

لكننا لسنا متفرجين. وليس قدرنا أن نكون مادة لهذه التجارب.

نحن لسنا “قضية” تُدار في لجان مؤتمرات. نحن شعب، وأرض، وذاكرة، وقيمة.

اليوم، لا خيار أمامنا سوى الوعي. وعيٌ يكشف من يصنع الفوضى، ومن يمولها، ومن يستفيد منها.

وعيٌ يغرس القدم في الأرض لا في الوهم. وعيٌ يحوّل الألم إلى إرادة، والصدمة إلى فعل، والشتات إلى مشروع نهوض.

إن لم نواجه الحقيقة كما هي، إن لم نكسر هذه المنظومة من داخلها، فإن بلادنا لن تضيع… بل ستُنهب وتُفرغ ثم تُترك خاوية. وحينها لن ينفع الندم.

بلادنا لن تنقذها الدموع. ولا المؤتمرات. ولا الوعود.

بلادنا ستنقذها الصحوة. وهي قد بدأت… ولو ببطء.

لكنها لن تكتمل إلا إذا وقف كلٌّ منّا في مكانه، ثابتًا، مدركًا، لا يتراجع.

كلّنا مسؤول. وكلّنا معنيّ. وكلّنا قادر.

اخترنا لك
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com