يدورون ويدورون حاملين #الخطيئة على ظهورهم المتعبة

بقلم غسان صليبي

مشهد يتكرر أمامي
كلما مشيت
في ملعب فؤاد شهاب
في جونيه.

مواطنون يمشون
ويدورون حول الملعب
حاملين مسبحة بأيديهم
ويصلّون “الأبانا والسلام”.

افضّل الصلاة
وقوفاً او مشياً،
الرأسُ مرفوعٌ والجسد يتحرك
معبرا عن إرادته في إن يقوى ويستمر،
بدل أن يكون كما في الكنيسة
جلوساً او ركوعاً ونادراً وقوفاً،
والرأس منحني
والجسد يستجدي القوة من الله.

مع ان الصلاة في الحالتين
لا تستجيب لما أوصى به يسوع،
اذ طلب من كل من أراد الصلاة
ان ينفرد بنفسه
ويغلق الباب وراءه
ولا يكثر من الكلام
لأن الله يعرف ما يريد قوله.

افضّل الصلاة في الهواء الطلق
امام الزرقة الواسعة
التي تذكّرنا بعظمة الكون،
وتحثنا على التساؤل
حول هذا الخالق
بما يتناسب مع هذا الخلق العظيم،
فنصلّي وكأننا نفكّر
ونبحث ونتفاجأ ونكتشف بفرح،
بدل أن نكرر
بدون تركيز وكقصاص
“الأبانا والسلام” عشرات المرات.

لكنك سرعان ما تكتشف أهمية القصاص
عندما تمر الى جانب زوجين
وهما يمشيان ويصليان المسبحة بصوتّ عالٍ،
فيطن في أذنيك
ما يقولانه معاً وبصدق للعذراء مريم:
“صلّي لأجلنا نحن الخطأة”.

اذن نحن خطأة
وعلينا أن نكفّر عن ذنوبنا
بألف طريقة وطريقة،
بما فيها تكرار صلاة “الأبانا والسلام”
وكأنها قصاص.

أنظر الى الزوجين الستينيين
وقد أكل العمر وشرب
من جسديهما،
وافترضُ ان لديهما اولاداً
وقد ربياهم يوماً بيوم وليلةً بليلة،
ويبدو عليهما انهما من الذين
يشقون ويأكلون “بعرق جبينهم”،
ولا شك انهما مثل معظم البشر
قد واجها مصاعب وربما كوارث حياتية
اذ طالهما هذا المرض او ذاك
او مجموعة من الامراض،
فضلاً عن مشكلات الحياة الزوجية
بحدّ ذاتها،
وعذابات العيش
في بلاد الحروب المتناسلة.

انظر الى الزوجين
وانا افكّر في كل ذلك،
واتساءل كيف لهذين الزوجين
ان يكررا عشرات المرات
“نحن الخطأة”،
بعد كل ما فعلاه في هذه الحياة الصعبة
ليتجاوزا المشقات،
بالنخوة والتضحية والتضامن
ودموع الحزن والفرح؟
يغيظني كإنسان
أن ارى ابن(ة) البشر ذليلا(ة)
بعد أن حمّلوه(ا) الخطيئة الأصلية،
واستتبعوها بخطايا الوصايا العشر وملحقاتها.

حسناً
الإنسان يخطئ،
ولا يمكن الا ان يخطئ في هذه الحياة المعقّدة،
حسناً
الإنسان يخطئ
وشئتم ان تسمّون الخطأ خطيئة.

لكن عندما تكون مسيحياً
ويقولون لك
بأن يسوع جاء ليخلصك من الخطيئة
محررا إياك على الاقل من عبء الخطيئة الاصلية
الذي حملّه إله ابراهيم للبشرية،
لماذا تدّعي الإيمان
وتكرر والأسى على وجهك
انك وُلدتَ بالخطيئة؟
اذا وضعنا جانبا
الخطيئة الاصلية،
الا تعترف أمام الكاهن
بخطاياك الأخرى
كل احد او في كل مناسبة دينية؟
فلماذا تصرّ اذاً
على حمل الخطيئة على ظهرك المتعب،
حتى وانت منطلقٌ في الهواء الطلق
تفتّش عن هواءٍ نقي
يدخل الى قلبك التوّاق
الى الحب والسعادة؟
لماذا تخرج الى العالم
وانت ذليل
كمن اقترف ذنباً
لا غغران له،
فيسهل عندها على كل ظالم
إن يذّلك اكثر،
أكان زعيماً او صاحب عمل أو رجل دين؟

اخترنا لك
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com