لبنان لا يحتاج احتفالًا… بل استعادة لمعنى الاستقلال

عذراً هذا الصباح… ليس في نيّتي أن أكون نكدَة، بل واقعية.

فلنصف مشهدية اليوم كما هي، بلا مساحيق ولا رتوش:

هيئة إغاثة عُليا، مجلس أعلى للدفاع، دمارٌ يبتلع ما تبقّى، عزاءٌ يتكرّر، موتٌ يُطارد يومياتنا، حزنٌ ينهش البيوت، تعدّيات، بطالة، نازحون ومهجّرون…

وعلى المقلب الآخر لبنان يحتفل بعيد الاستقلال.

رحم الله رجال الماضي… رجال الموقف لا الذكور. رجال حملوا المسؤولية كأنها قدر، ولَبّوا النداء عندما كان الوطن يحتاج إلى “رِجال” بالمفهوم القيمي، لا العددي.

أمّا نحن اليوم، فنسأل بصدق لا بسخرية: أيّ استقلال هذا؟
كلمة الاستقلال نفسها تحتاج إلى إعادة تعريف، إلى قاموس جديد يتناسب مع واقع وطن لا يعرف في أي قطاع يملك قراره:
عسكرياً؟ أمنياً؟ مالياً؟ اجتماعياً؟
هل نستطيع اتخاذ قرار واحد دون مراجعة مرجع خارجي يوجّه، أو يطلب، أو يُملي؟

لو كانت لدينا دولة تحترم مشاعر شعبها فقط، لكانت صمتت الاحتفال، ووقفت بصرامة أمام كل من يتدخل في تفاصيلها، غربياً كان أم شرقياً.

ولو كانت دولة ذات كرامة حقيقية، لكانت استنفرت أمام من يتعدى على سيادتها ويصطاد شبابها بكل وقاحة، وكأن دمهم مباح.

هذا يا دولتي ليس مجرد ضعف… بل استهتار جارح بكرامة شعبك.
حقوق الناس ليست تظاهرة ولا نشيداً وطنياً ولا صورة مزركشة.
الحقوق تُبنى من الجوهر… من الصدق… من القدرة على حماية الحد الأدنى من سيادتنا.

طالما نرفض معالجة مأزقنا من جذوره، سنبقى نكرر أزماتنا، وسنبقى فريسة في يد من يتخطّى حدودنا ويتحكم بسياساتنا.
نعم نحن دولة ضعيفة، لكن الوعي الوطني لا يحتاج ميزانية… يحتاج فقط إرادة.

ما نحتاجه اليوم هو وعي جماعي يُدرك حجم ما نحن فيه، ويتمسك بقرار لبناني مستقل، ويختار رجالاً ونساءً بمستوى هذا الوطن: أصحاب وطنية حقيقية وحنكة دبلوماسية، يعيدون شيئاً من الكرامة لهذا البلد المتروك.

والله إن القلب ليحترق…
فنحن شعب لا يرى أبعد من أنفه، بينما العالم يعيد رسم خرائطه، ونحن ما زلنا نراوح في ضباب اللاموقف.

لبنان لا يحتاج احتفالاً بيوم الاستقلال…
لبنان يحتاج أن يستعيد معنى الاستقلال.

صباح الوعي والكرامة وأملا باستقلال نفسي عسى ان يأخذنا إلى استقلال وطني

اخترنا لك
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com