الذكرى السنوية لـِ ميلاد موزارت…

أهم مؤلف موسيقي عالمي أنجبته البشرية على الإطلاق !

تحليل ورؤية : عمار مروه

تمر اليوم ذكرى ميلاد المؤلف الموسيقي الخارق والاستثنائي جداً ولفغانغ اماديوس موزارت، في 27 كانون الثاني عام 1756، والعالم ما زال يلهث خلف الروائع الكثيرة والمتنوعة التي تركها لنا راحلاً عن عمر قصير جداً جداً ! .

الاوركسترات كلها في العالم من أكثرها اتساعاً والمعروفة بالفيلهارمونيه نزولاً الى السيمفونيه فالحجرة فالرباعي الوتري لأصغر التشكيلات الموسيقية الأخرى، كما الأكاديميات والكونسرفتوارات والمفكرون والمنظرون الموسيقيون، كلهم من دون استثناء لاحد أو هيئه سيظلون عبر الزمن يسعون وراء تراث موزارت العظيم ليتوسّلوه من جميع وجوهه الجمالية والاكاديميه والبنيويه، ويتملّوها بما فيها من سعه وعبقريه فينشروا انجازاته الخرافيه وقِيَمِهِ الفنيه بكل ما تحمله من سمو واحتمالات وانفتاح وجماليات تتصل بأفكار ورؤى وعمق تحكي للاجيال اسرار خصوصية وعبقريه هذا المؤلف الموسيقي الأعظم على الإطلاق ودون اَي منافس.

اعتقد ان كلاماً كثيراً جداً وتحليلات عميقه ودراسات متعدده الأنواع والفروع والاختصاصات والمشارب والرؤى ستبقى تدور حوله، لتستلهم جماليات إنجازاته الباقية وهي تدلل على تفوقه وموهبته وتستنتج منها نماذج يتم إحتذائها ومناقشتها وتعميمها، ولكني انا شخصياً عمار مروه كاتب هذه السطور ومن على سريري اقفز عنها جميعاً لأشير الى حقيقة واحده فقط لا غير، قلما يلتفت لها ناقد او موسيقي او استاذ او مؤلف، وهذه الحقيقه أتتني بالسماع أولاً بأول لتدل على مدى عظمة الرجل وعمق موهبته، وهي أن من مؤلفاته التي أعشقها انا شخصيًا، ويقول العارفون والنقاد انه كتبها كصيغه للترفيه، ظنها هو نفسه اَي موزارت إنها خفيفة هدفت لإضفاء أجواء السمر والتسلية لجلسات الملوك والأسياد والأمراء تحت عنوان “تسالي” او تسليات واصطلاحها باللغة الموسيقيه يُكتب تحت إسم وصيغة قالب ال “Divertimenti ” فاذا ما قمنا بتحليلها ودراستها نغمياً وبنيوياً وبهارمونيات تعدد أصواتها البوليفونيه، أو في احسن الاحوال اذا استمعنا اليها بانتباه فقط لوجدنا فيها سِعه لا تُحاكي ولا تُقارب بالعمق العادي لمفاهيم عبقرية التأليف الموسيقي المعقد، بأنسجة اوركستراليه بوليفونيه والتي قد لا يدرك عمقها وعبقريتها إلا المايسترو ومجموع العازفين الذين يؤدونها!

كما أن جمالياتها قد لا تُقارب او تُفَسّر فقط بسيولتها اللحنية المبتكرة، ولا بِبذخ بنائها الهارموني المنساب بإغراءات السهل الممتنع، ولا بتعقد أنسجتها البوليفونيه المزركشه بالتونال والمودال والموشحة كلها بتكامل مركب تقارب الكمال في توازنها وتناغمها وتوازيها بسيوله وطراوة يصعب كثيراً تفسيرها كتسليات !.

لابد إذن من الاعتراف بانها تمت إلى العبقرية اكثر بكثير مما تتصل للتسلية !. أنا أجزم انه سيصعب كثيراً على الإنسانية أن تنجب مؤلفاً بهذا القدر الخارق من الموهبة والاحترافية العفوية التي لا علاقه لها بالمدارس والمعاهد والكونسرفتوارات ،ولا تمت بأي صله إلى أي شيء أخر غير الموهبة الخارقة العصية على التفسير والدراسة ! شيء ربما إلهي أو ربّاني وسره سيبقى مقدساً وقريباً من المعجزات التي ستحتفل بها البشرية على مر العصور، لأن الله والله وحده فقط يعلم ماذا زرع في راس وقلب ووجدان الروح الموسيقية التي وهبها لذلك الرجل الاستثنائي الخارق والعظيم والذي للأسف الشديد رحل باكرا جدا جداً عن عمر لم يتجاوز ريعان شبابه الـ ٣٥ عاماً فقط لا غير، فهل بإمكاننا أن نتصور كم كانت ستبلغ عظمة وعمق وعدد مؤلفاته ومنجزاته الموسيقية لو عاش إلى سنِّهِ السبعين مثلا؟!

اخترنا لك