بين الوعود والتنفيذ : هل تتحوّل خطة معالجة الودائع إلى مسار إنقاذ فعلي أم إلى إعادة إنتاج للأزمة؟

بقلم خلود وتار قاسم

تصريح رئيس الحكومة نواف سلام حول خطة معالجة الودائع وإعادة هيكلة القطاع المصرفي يطرح مجموعة من النقاط التي تستوجب نقاشًا جديًا ومسؤولًا، بعيدًا عن الشعارات وبمنطق الوقائع القابلة للتنفيذ.

لا شكّ أن تأكيد حماية صغار المودعين، والحفاظ على احتياطي الذهب، والحديث عن المحاسبة واستكمال التدقيق الجنائي، هي عناوين مطلوبة وضرورية. غير أن العبرة ليست في النوايا المعلنة، بل في القدرة المؤسسية والمالية والقانونية على التنفيذ.

السؤال الأساسي الذي لم يُجب عنه التصريح بشكل واضح هو: ما هي المصادر الفعلية للأموال؟ وما هو الجدول الزمني الواقعي؟

وما هي الضمانات القانونية والمؤسساتية التي تحمي هذه الوعود من أن تبقى رهينة التوازنات السياسية نفسها التي عطّلت كل محاولات الإصلاح السابقة؟

كما أن الحديث عن المحاسبة يفرض مقاربة مختلفة: المحاسبة لا تكون بالتصريحات، بل بتفعيل الهيئات الرقابية، وتحرير القضاء من أي تأثير سياسي، وإعادة تشغيل لجان التحقيق من دون استنسابية أو انتقائية.

أي مسار إصلاحي يفقد صدقيته إذا لم يترافق مع استقلال فعلي للأجهزة المعنية، ومع آليات واضحة لملاحقة كل من استفاد من النفوذ، أو من التحويلات المشبوهة، أو من الهندسات المالية، بغضّ النظر عن موقعه أو انتمائه.

أما في ما يخص السندات والضمانات المرتبطة بأصول مصرف لبنان، فالمطلوب شفافية كاملة بالأرقام، وبقابلية هذه الأصول للتسييل، وبكيفية توزيع المخاطر بعدالة، لا تحميلها مجددًا للفئات نفسها التي دفعت ثمن الانهيار.

اللبنانيون لم يعودوا يطلبون خططًا مثالية، بل خططًا قابلة للمساءلة، من يُحاسب؟ أمام أي جهة؟ وفق أي جدول زمني؟ وبأي ضمانات قانونية غير قابلة للتعطيل أو التفسير السياسي؟

الواقع أن استعادة الثقة لا تُبنى بالكلام، بل بإجراءات ملموسة تُثبت أن الدولة قادرة على حماية حقوق مواطنيها، لا على إعادة إنتاج المنظومة نفسها بأدوات جديدة.

هذا النقاش ليس مواجهة شخصية، بل مسؤولية وطنية، لأن أي إخفاق جديد في هذا الملف لن يكون مجرد خطأ سياسي، بل خسارة إضافية لما تبقّى من ثقة وحقوق وكيان.

اخترنا لك