إخواني #الشيعة اللبنانيين #العرب

بقلم محمود شعيب – كاتب وناشط سياسي

من عمق الوجدان أكتب لكم هذه الكلمات، وهي نابعة من حبٍّ للوطن المشترك الذي نحمله جميعًا، ومن حرصٍ على مستقبلنا كمجتمع واحد. إنكم جزء أصيل من النسيج اللبناني المتنوع والعربي، وجزء لا يتجزأ من تاريخ هذا الوطن، بتاريخكم وحضارتكم وإسهاماتكم التي لا يمكن لأحد أن يتجاهلها. ومع ذلك، نجد أن السنوات الأخيرة قد حملت معها تحديات وصعوبات عديدة. ومن هنا، تأتي أهمية إدماجكم الكامل ضمن المجتمع اللبناني ومحيطه العربي، لا فقط كطائفة لها خصوصيتها، بل كمواطنين فاعلين يشاركون في بناء هذا الوطن جنبًا إلى جنب مع جميع مكوناته الأخرى.

الإدماج ضمانة المستقبل

إن أي مجتمع يقوم على مبدأ العزلة والانغلاق يواجه مخاطر عديدة، أولها التهميش وثانيها التفكك. فلبنان بجميع طوائفه ومذاهبه، لا يمكن أن يبقى قوياً إلا بتعزيز الانتماء الوطني الجامع الذي لا يفرق بين مسلم أو مسيحي، سني أو شيعي، درزي أو ماروني. إن القوة الحقيقية تأتي من الوحدة ومن الشعور بالمسؤولية المشتركة تجاه الوطن. وكلما كانت مكونات هذا المجتمع أكثر تماسكًا، كان لبنان أكثر قدرةً على مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية التي تعصف به.

نصيحتي إليكم

1. إعلاء الهوية اللبنانية : يجب علينا جميعًا أن نعيد النظر في مفهوم الهوية. الهوية الطائفية مهمة، ولكن لا يجب أن تكون عائقًا أمام الهوية الوطنية. الهوية اللبنانية يجب أن تكون الشعار الذي يجمعنا جميعًا. فتأملوا تاريخكم، وسترون أنكم كنتم دائماً في قلب الأحداث الوطنية، مدافعين عن سيادة لبنان وحقوقه.

2. التعليم والانفتاح على الآخر : إن أهم سلاحٍ ضد التفرقة والطائفية هو التعليم. يجب أن نسعى جميعًا إلى نشر ثقافة الحوار والانفتاح، وأن نعلم أبناءنا أن لبنان ليس لطائفةٍ دون أخرى. فالعلم هو مفتاح المستقبل، وهو الطريق الوحيد للتقدم والاندماج في عالمٍ أصبح فيه التعاون هو أساس النجاح.

3. رفض الانعزال السياسي : الانخراط في الحياة السياسية اللبنانية هو حق وواجب. ولكن يجب أن يكون هذا الانخراط من منطلق وطني وليس طائفي. فالعمل السياسي يجب أن يهدف إلى خدمة المجتمع بأكمله وليس خدمة فئة معينة. لذلك، لا بد من السعي إلى تعزيز حضوركم في مؤسسات الدولة والعمل على تحقيق الإصلاحات التي تفيد الجميع، بدلًا من الانعزال خلف جدران الطائفية.

4. بناء علاقات أخوية مع كل اللبنانيين : إن قوة لبنان الحقيقية تكمن في تنوعه. كلما تعمقت علاقاتنا الإنسانية مع باقي الطوائف والمذاهب، كلما أصبحت الوحدة الوطنية حقيقة وليس شعارًا. فالتعاون بيننا وبين إخواننا من باقي الطوائف هو السبيل الوحيد لبناء مجتمع متماسك وقوي.

5. النظر إلى المستقبل برؤية مشتركة : المستقبل الذي نريده لأبنائنا لا يمكن أن يبنى في ظل الانقسامات. إننا بحاجة إلى رؤية مشتركة، هدفها أن يعيش الجميع بكرامة في وطن يحترم حقوقهم ويضمن لهم مستقبلًا أفضل. وهذا يتطلب منا جميعًا، أن نتجاوز الأحقاد والخلافات ونسعى إلى بناء دولة حديثة تحترم القانون والمؤسسات.

الخاتمة…

لبنان بحاجة إليكم، بحاجة إلى وعيكم وإلى إدماجكم الكامل في نسيجه الوطني. فالطوائف ليست أعداءً بل هي مكوناتٌ تسهم في تنوع هذا الوطن. والتحديات التي تواجهنا كبيرة، ولكن بالوحدة والاندماج والعمل المشترك، يمكننا أن نبني لبنان الذي نحلم به جميعًا: لبنان الحر، المستقل، الديمقراطي.

اخترنا لك