حليمة قعقور في ندوة لـمنظمة العمل اليساري : إلى الشجاعة في إعلاء المواقف وإعلانها

“مسؤولية اللبنانيين في مواجهة الفراغ الرئاسي “عنوان الندوة التي أقامتها منظمة “العمل اليساري الديموقراطي العلماني” بحضور النائبة الدكتورة حليمة قعقور ونائب رئيس المكتب التنفيذي للمنظمة حاتم الخشن، وعدد من الفاعليات والناشطين.

تحدثت النائبة قعقور معتبرة أن الإشكالية التي يعانيها لبنان نتيجة شغور رئاسي وحكومي تديره حكومة تصريف أعمال وسط أزمة محتدمة من كل الضفاف.

فقالت : أن “مصدر الإشكالية هو النظام السياسي نفسه الذي ينتج هذه الأزمة ومثيلاتها مما تعودناه في حياة هذا البلد، والذي يسميه أصحابه بأنه نظام توافقي بينما فعليا هو نظام محاصصة وزبائنية سافر. فالنظام التوافقي عادة ما يكون في المجتمعات المتعددة اثنياً ولغوياً أو دينياً ، لكن بالعودة إلى التجارب نجد له ركائز ثابتة تتمثل في الاعتراف بحقوق الانسان وبالحياة الديموقراطية وحكم القانون وانتظام عمل المؤسسات. لكن في لبنان ليس لدينا فعليا اعتراف بحقوق الانسان التي تقوم على حرية الفرد وارادته، أو حياة ديموقراطية وتبادل السلطة بموجب انتخابات يعترف الجميع بنتائجها، وسيادة للدولة والقانون واستقلالية القضاء وانتظام في عمل المؤسسات.

أضافت : من المعلوم أن شرعة حقوق الانسان تتوجه نحو الفرد الحر بصرف النظر عن جنسه ومعتقده ودينه وأصله ومنبته الاجتماعي، وهل هو ينتمي إلى طائفة كبيرة أو صغيرة. بينما يحدث العكس في لبنان، فالمناصب الرئاسية الثلاثة موزعة بين طوائف، يقال إنها الأكبر من سواها، بينما تحرم الطوائف الصغرى من حق الترشح لأي من هذه المواقع، علماً أن لا نص في الدستور عن طائفية الرئاسات. هذا التوزيع بين طوائف كبرى وصغرى تطور إلى المحاصصة والزبائنية، وبات وصول المواطن إلى حقه يفترض به أن يمر عبر الطائفة، ومن خلال الزعيم السياسي. وهذه ممارسات لا علاقة لها بالنص الدستوري. لذلك بات معظم الناس يرون أن النظام التوافقي هو الأسوأ الذي مر على البلد، وخصوصا أن الجميع يحكم، وفي الوقت نفسه يتنصل من المسؤولية عما وصلت إليه البلاد من انهيار. وعرضت لما يجري تسويقه عن تقاسم الرئاستين بين التكتلين المتصارعين – المتوافقين.

وأكدت أن دخول النواب التغييريين أحدث جديداً في الحياة البرلمانية وعليهم أن يحافظوا على استقلاليتهم، لأن دخولهم في هذا المسار يفقدهم صفتهم كمعارضة للمنظومة بكتلها ومكوناتها”. وأشارت إلى “الحملة السياسية – الإعلامية التي يتعرضون لها من جانب المنظومة بمختلف مواقعها، فتارة يتهمونها بأنها تتبع حزب الله وطورا القوات اللبنانية”. وأكدت أن “أنصاف الحلول والمسايرة لم يعد لها مكان مع المنظومة بوصفهم جميعا من أركان الهيكل”. وأعلنت أنها “مع قيام نظام ديمقراطي علماني يضمن حرية المعتقد والمساواة بين الجميع بقطع النظر عن دياناتهم.

ودعت إلى “المراكمة على هذا النهج وإلى الشجاعة في إعلاء المواقف واعلانها”،

معتبرة أن هذا كله لا يمكن أن ينفصل عن الحقوق الاجتماعية للناس لأن فقدان الحق بالصحة والاستشفاء والتعليم والغذاء والاستقرار المهني والراتب العادل يفقد الحرية معناها وكلها حقوق لا تنفصل عن الحقوق السياسية.

وختمت أنها “مع نهج يؤسس لبناء دولة ذات سيادة قادرة على مواجهة العدوان والتعديات على ترابها الوطني، واستباحة مقدراتها من أي جهة أتت”.

وكانت كلمة للخشن قال فيها : الفراغ في موقع الرئاسة يواكبه حال انهيار لم يشهد لها لبنان مثيلا منذ قيامه. وهو الانهيار الذي يطال الدولة بمؤسساتها والقطاع الخاص وهو نتيجة أعوام وعقود المحاصصة والفساد في أداء الطبقة السياسية التي حكمت البلد.

أضاف : إن أزمة الفراغ الرئاسي يتحمل مسؤوليتها بالدرجة الأولى أطراف السلطة مجتمعين، كما قالت لهم انتفاضة ١٧ ت١ “كلن يعني كلن”. ويتحمل حزب الله في ذلك كما في سائر أزمات البلد المرتبة الأولى، وهو يحاول الآن تكرار تجربته للمجيء بخلف لميشال عون الذي فرضه أو عينه بعد عامين ونصف العام من التعطيل. ولأنه لم يعد يمتلك الأكثرية النيابية ومقومات القوة نفسها، نراه يُصعّد من شروطه حول مواصفات الرئيس الذي يريده حامياً لسلاحه خلافاً لما درجنا على سماعه من أن سلاحه هو الذي حرر البلد والحامي له”.

تابع : ثم يأتي دور التيار الوطني الحر عبر رئيسه الذي يتوسل الرئاسة من فرنسا وقطر واستجداء رفع العقوبات الأميركية باعتباره الوريث الشرعي للسلف بعد تقديم أوراق اعتماده في قضية الترسيم الحدودي جنوبا. وعرَّج على دور رأس “الحركة” الذي يدير الأزمة وقدرة وتفسير الدستور على هواه، ووفق مصلحته ومصلحة حليفه الأكبر، من أجل تسويق مشروع رئيس جديد تحت مظلة الهيمنة الإيرانية – السورية نفسها، بينما الفريق المعترض والباحث عن السيادة في دهاليز السياسات الدولية بذريعة مواجهة ما يسميه “الاحتلال الإيراني” والدعوة إلى مؤتمر دولي لمواجهة اختلال ميزان القوى الداخلية لغير صالحه، لتغطية هروبه من تحمل قسطه من المسؤولية عن الانهيار وعن بقاء البلد ساحة”.

وقال : أما المطالبة بتعديل اتفاق الطائف فلن ينتج عنها الا أحد الاحتمالين: إما المثالثة، وإما الفدرالية وكلاهما من أسوأ الحلول .

وأشار إلى عجز النواب المستقلين والتغيريين إلى الآن عن الاتفاق على رؤية موحدة لخوض معركة الرئاسة، وعن صياغة مشروع انقاذي، يغلب وطنيتهم وديموقراطيتهم واستقلاليتهم عن المؤثرات الخارجية، ويمكنهم من التصدي لضغوط قوى السلطة والمرجعيات الدينية.

وتابع : إن الواقع يستدعي القول إن قوى المعارضة تفتقد لوحدة في الرؤية السياسية لمواجهه الخصم، وإلى حركة شعبية عمادها قطاعات المجتمع المتضررة التي تشكل عامل توحيد للبنانيين وتجعل منهم قوة مؤثرة في علاج أزمات وطن يعيش منذ تكوينه الأول حروباً أهلية وتبدلات مستمرة في مواقع قواه المذهبية، مما يستدعي طرح العلمنة الديموقراطية التي تحفظ التنوع وتحقق المساواة. وهذا الطرح صعب المنال ولكن تحقيقه غير مستحيل. لأن المستحيل هو بقاء النظام المولّد للأزمات والنزاعات.

ورأى أن استمرار الفراغ الرئاسي لا صلة له بانعقاد وتكرار جلسات مجلس النواب، حيث لعبة الخلاف على النصاب والمواصفات والأوراق البيضاء وغيرها. إنه الوقت الضائع بانتظار تسوية خارجية أميركية – فرنسية – سعودية – إيرانية، لا دلائل تشير الى أن موعدها قريب. لأن الهم اللبناني ليس من الأولويات راهنا.

أضاف : إننا في منظمة العمل اليساري نؤكد ان انتخاب رئيس للجمهورية هو المدخل الرئيسي للإنقاذ، ولاستعادة بناء مؤسسات الدولة، التي دمرتها ممارسات وسياسات أحزاب السلطة وقواها الطائفية”.

وختم نريد الجمهورية وبناء دولة المواطنية والعدالة الاجتماعية، واستعادة مؤسساتها كي يبقى لنا الوطن. نريد رئيسا إنقاذياً للجمهورية، يحفظ السيادة ويعيد بناء الدولة وينقذ البلد من الانهيار المتصاعد. وهذ يتطلب حضور الكتلة الشعبية ومشاركتها في الضغط لجعل الاستحقاق الرئاسي معركة لبنانية بامتياز ومدخلا للإنقاذ بدل انتظار معجزات في غير مكانها وزمانها.

وتخلل الندوة مداخلات وأسئلة ونقاشات تمحورت حول “مخاطر التحديات التي تواجه البلاد وضرورة بناء الحركة الشعبية والديموقراطية كي يتكامل العمل من داخل المجلس وفي الشارع أيضا.

اخترنا لك