هل يتحمّس اللبنانيون فقط للأقوياء في المونديال ؟

لا إحصاءات
تجيبنا بدقة
على هذا السؤال.

انطباعاتي
التي استقيها
من وسائل التواصل الاجتماعي
أو من معارفي الشخصية،
تقول لي
أن معظمهم يتحيّز
في البداية
لفرق أجنبية
يعتقدون أنها الأقوى
وأن الربح
سيكون حليفها،
ونادرا ما يتحيّزون
لبلد عربي،
لعدم ثقتهم
بقدرته على الانتصار.

خلال مسار المونديال،
وإذا برهن فريق عربي
عن جدارة
وانتصر على فرق أخرى،
يبدأون بالتحمّس له،
حتى ولو كان
من خصومهم السياسيين،
مثلما حصل
عندما فرح بعض أنصار إيران
بفوز السعودية على الارجنتين،
اي ان مشاعرهم
تأخذ طابعا عروبيا
إذا برهن البلد العربي
عن قوة.

هكذا كانت
فرحتهم عظيمة
بفوز المغرب على اسبانيا
في مونديال كرة القدم،
وربما كانت توازي
فرحتهم باحتلال المسلمين
للأندلس في اسبانيا
في القرن السابق،
وقد تجددت الفرحة
مع فوز المغرب على البرتغال
وتأهلها إلى النصف النهائي.

من حق اللبنانيين أن يفرحوا
مثل باقي البشر،
كما من حقهم أن يفرحوا
كشعب عربي
بائس ومحبط ومهمش،
على الساحة الوطنية
والإقليمية والدولية.

اللافت أن اللبنانيين
فرحوا واحتفلوا،
على اساس ان المغرب
بلد عربي،
في حين أن قسما كبيرا
من الشعب في المغرب،
ومع اعترافه بدولته،
يعتبر نفسه
أمازيغياً- افريقياً
أكثر مما هو عربياً،
ولطالما احتج
مغاربة وجزائريين
على تسمية بلدان شمال أفريقيا
ب”المغرب العربي”،
إذ هو بنظرهم
“المغرب الامازيغي”
قبل أن يكون “المغرب العربي”،
نسبة لأصول شعبه.

افكّر بذلك
وانا أقرأ تعليق
صديقة فايسبوكية،
على التصريح
الذي نُسب إلى مدرب
فريق المغرب
بعد الفوز على اسبانيا،
إذ قال
“انه نصر مغربي أفريقي
وليس عربيا”.

الصديقة الفايسبوكية
استاءت من هذا القول،
واعتبرت انه
مهما قال المدرّب،
فبالنسبة لها
يبقى المغرب بلدا عربيا،
وكأنها إذا صدّقت المدرّب
ستتعكّر فرحتها
بفوز المغرب على اسبانيا.

التعليقات
على بوستها
جاءت متنوعة،
بعضها القليل
شكك بتصريح المدرّب،
والبعض الآخر الأكثر عددا
أيّد الصديقة الفايسبوكية
بموقفها الحازم
من عروبة المغرب.

فرحة اللبنانيين
بإنتصاراتهم،
يٌلحِقونها عادة
بأغانٍ وأشعار
تمجّد العروبة،
ويكررون هذه الجملة
“الأرض بتتكلم عربي”،
جاعلين من نزعتهم القومية
إقصائية للقوميات الأخرى،
الموزّعة على كامل هذه الارض
التي اعتبروا أنها
“تتكلم عربي”.

ومسألة اللغة
قضية حسّاسة
في بلدان مثل المغرب والجزائر
التي شهدت نضالات
من أجل أعتراف الدولة
باللغة الأمازيغية
كلغة رسمية،
اي ان أرض هذين البلدين
تتكلم في الواقع
الأمازيغية والعربية معاً،
فضلا عن الفرنسية
وهي لغة الاستعمار،
التي طعّمت بعباراتها
اللغتين المذكورتين.

لكن ليس أكيدا
بعد تراجع الأحزاب القومية
لصالح الأحزاب الدينية،
إذا كانت هذه النزعة العروبية
قومية ام دينية.

وما حصل البارحة في الاشرفية
يؤشر إلى ذلك،
فقد مرت دراجات
تحتفل بانتصار المغرب
وهي آتية من الطريق الجديدة،
بجانب شجرة للميلاد
تجمع حولها الاهالي،
وراحوا يصرخون
“الله أكبر الله اكبر”،
مما خلق جوا من التوتر
حالت دون تفاقمه
القوى الأمنية.

يبدو اننا
كلبنانيين
نحب الأقوياء
من اي جنسية كانوا،
ولا نتحمّس للبلدان العربية
الا عندما يصبحون
أقوياء بدورهم،
وكأن عشق القوة
هو ما يحرّك مشاعرنا.

ربما لذلك
عندما نثور على الأقوياء
في الداخل أو في الخارج،
نستتبع انفسنا لاقوياء آخرين
في الخارج،
وعندما ننتصر،
نعود ونخضع
للأقوياء الجدد
في الداخل والخارج.

اخترنا لك