سنتان على اغتيال لقمان سليم : لبنان تحول آلة للقمع والترهيب

بقلم طارق أبو زينب

لم تهدأ الاغتيالات السياسية في لبنان منذ الاستقلال منذ العام 1943 إلى اليوم إلاّ أنّها أخذت منذ العام 2005 منحى متصاعداً وأصبحت بيروت مسرحاً للقتل والتصفيات، فقُتل صحافيون وسياسيون وأمنيون معارضون للهيمنتين السورية والإيرانية، بدأ مع اغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري ثم كرّت سبحتها حتى العام 2021 مع اغتيال المفكر والكاتب والباحث والناشط السياسي لقمان سليم.

ثمة من يقول بيروت عصية على آلة القمع والترهيب وثمة من يقول نعيش في دولة عاجزة عن تسمية القاتل وتناهض حرية الفكر والتعبير والحقيقة و ما شهدناه في لبنان لم يكن اغتيال المفكر والناشط السياسي لقمان سليم ، فان الاغتيال هو عملية محدودة وموضعية وإغتيال لقمان سليم كان إعداماً للحق والفكر والحرية والقلم والوطن.

أفكار لقمان سليم باقية

عامان مرا على اغتيال سليم، الذي كان معروفاً بمعارضته لـ حزب الله، ولا يزال القضاء اللبناني صامتاً، وسيبقى كذلك، ولن ينتظر أحد نتائج التحقيق في دولة تخلّت عن مواطنيها وعن مسؤولياتها، يحكمها الاستبداد السياسي. تتحدث شقيقته رشا الأمير لـ “جسور” وتقول: لقمان حي ومحبوب وبطل ومتواضع ومشتاقون له وافكارة الحرة باقية في لبنان وفي جميع انحاء العالم. وعن التحقيقات بعملية الاغتيال تشير الى أن التحقيقات خط سياسي احمر لأي عملية اغتيال وقتل في لبنان وتضيف:” لبنان أصبح رهاب ولقمان كان يقاتل بالكلمة والمنطق ويوجد مجموعة في لبنان تصادر التاريخ هؤلاء مجموعة قتلة ومعروفين بالأسماء ولقمان سماهم كثيرا”.

البراهين على اغتيال حزب الله للمفكر سليم

وفي الذكرى الثانية على اغتيال لقمان سليم، يقول الباحث و المحاضر الجامعي الدكتور مكرم رباح ” لـ جسور” : ” فعليا” بيروت تحولت مكاناً للقمع ابتداء من الذي حصل عند اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومن ثم إنقلاب 7 ايار وثم قيام حزب الله بمواجهه الثورة بشكل مباشر في أكتوبر 2019 “. ويضيف رباح ، “للاسف بيروت ولبنان والمنطقة تحت الاحتلال الإيراني وعلى الناس ان تتنبه من هذا الامر لتعرف كيفية التصرف معه إن كان معنويا او سياسياً. وللاسف التحقيقات بموضوع لقمان سليم لم تصل لأي مكان لان الدولة اللبنانية تتقاعس ذلك لانه وبشكل واضح المسؤول عن قتل لقمان سليم هو حزب الله إن لم نستطيع ان نبرهن هذا الشيء بشكل حسي فلقمان سليم تم اختطافه من قرية نيحا في الجنوب اللبناني واعدامه في منطقة يسيطرعليها حزب الله وللاسف ملف لقمان سليم فيما يتعلق بالأدلة الجنائية كما هو فارغ حيث النظام اللبناني والقضاء اللبناني للاسف.

اللبنانيون يعرفون

لم ينجو هؤلاء من العقاب لسبب بسيط هو أن الشعب اللبناني يعرف من قتل لقمان سليم ويعرف من فجر مرفأ بيروت وفي آخر المطاف كما يقال لا يصح الإ الصحيح، والعدالة آتية، لسبب بسيط، لا يمكن أن نبني لبنان ونستعيد الدولة اللبنانية والطبيعة ونعود الى المدار الطبيعي بدون العدالة والمحاسبة.

فرق تابعة لحزب الله قامت بإغتيال

من يتحمل مسؤولية اغتيال لقمان سليم اولًا واخيرًا هو حزب الله كون هذه العملية حصلت في منطقة يسيطر عليها بالكامل ونحن رصدنا فرقاً تابعة له قامت بهذا العمل وهو بشكل واضح وكان يحرض على لقمان سليم وما يمثله لقمان من فكر وتحرر . لبنان أصبح تحت الاحتلال الإيراني وإن هذا النظام الإيراني لن يتردد بقتل اي شخص يشكل خطرا عليه ليس امنيا بل معنويا ، وما يمثله لقمان من فكر تنويري داخل البيئة الشيعية واللبنانية أحد أهم الاسباب التي تم إعدام هذا المثقف ليردعوا ويخوفوا ما تطلق عليه شيعة لقمان أي شيعة اللبنانيين الذين يريدون العدالة والحقيقة.

إدانات دولية في الذكرى الثانية

في هذا الصدد ، أعرب خبراء حقوقيون في الأمم المتحدة في الذكرى الثانية للإغتيال عن قلقهم العميق من بطء التحقيق في مقتل الكاتب والناشط لقمان سليم قبل عامين، مطالبين لبنان بضمان محاسبة قتلته. وقال الخبراء الأربعة المستقلّون إنّ “من واجب السلطات اللبنانية إجراء تحقيق كامل وتقديم مرتكبي هذه الجريمة النكراء للعدالة”. وأضافوا أنّ “عدم إجراء تحقيق سريع وفعّال قد يشكّل في ذاته انتهاكاً للحق في الحياة”. وفي بيانهم، أعرب المقرّرون الخاصون للأمم المتحدة المعنيّون بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء عن غضبهم لعدم تحديد هوية أيّ شخص مسؤول عن اغتياله. واعتبر الخبراء الذين عيّنهم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أنّ “تسليط الضوء على الظروف المحيطة بمقتل لقمان سليم وتقديم المسؤولين إلى العدالة هو أيضاً جزء من التزام الدولة حماية حرية الرأي والتعبير”. وأردفوا أنّ “ثقافة الإفلات من العقاب لا تشجّع قتلة لقمان سليم فحسب، بل سيكون لها أيضاً تأثير مخيف على المجتمع المدني لأنّها تبعث برسالة تقشعرّ لها الأبدان إلى النشطاء الآخرين لفرض رقابة ذاتية”. في السياق،شدّد الخبراء على أنّ التحقيقات في عمليات القتل يجب أن تكون “مستقلّة ونزيهة وسريعة وشاملة وفعّالة وذات صدقيّة وشفّافة”. وحذّروا من أنه “حتى الآن، لم تظهر السلطات اللبنانية أيّ مؤشر إلى أنّ التحقيقات الجارية تتماشى مع المعايير الدولية ذات الصلة”، وطالبوا السلطات بالإسراع في التحقيق و”ضمان محاسبة المسؤولين من دون تأخير”. وأكّدوا أنّه “يجب أن تتمتّع أسرة سليم بإمكان تحقيق العدالة و(كشف) الحقيقة والتعويض المناسب على وجه السرعة”. وفي الذكرى قالت السفير الفرنسية في لبنان آن غريو: “أفكّر بأقرباء لقمان سليم بعد عامين على اغتياله”. وتابعت في تغريدة عبر حسابها على تويتر: ” لبنان بحاجة ماسّة إلى عدالة تصحّح وتحمي، في جوّ مُستَكين”. وختمت: “سوف تتمّ المحافظة على إلتزامه مع العمل الذي تقوم به فرنسا إلى جانب ‘أمم للتوثيق والأبحاث”.

أما السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا فشددت على أن “لقمان كان مليئًا بالأمل في لبنان أفضل لجميع اللبنانيين. كما عُرف بمثابرته وشجاعته الشديدة في مواجهة التهديدات العنيفة. ليس كل من يغادر هذا العالم يترك وراءه مثل هذا الإرث. ليس بالأمر السهل أن يكون لديك فكرة أو التزام برؤية أكبر وأكثر ديمومة من رؤية المرء. لكن إرث لقمان واضح هنا اليوم ، حيث نجتمع مرة أخرى باسمه لتجديد التزامنا بالسعي وراء المثل العليا التي مات من أجلها. وتابعت: “كان لقمان من أشد المدافعين عن حرية التعبير والديمقراطية وحق الناس في العيش بسلام. تسلح بالتربية والكتب والأبحاث وحرية الفكر والاعتدال والانفتاح والحب لوطنه الجميل”. واكدت ان “الذين اغتالوا لقمان سليم يتّسمون بالخداع والخوف والبغضاء. دعونا لا نستسلم لتلك التكتيكات الغاشمة. بدلا من ذلك ، دعوا روح التسامح التي تجمعنا هنا اليوم تستمر في قيادتنا”. وقالت: “نرفض إجراءات الإقصاء العنيفة التي تهدف إلى ترهيب الشجعان للصمت. كما نرفض إفلات مرتكبي هذه الأعمال من العقاب. اليوم ، نحن لا نختبئ. نحن لسنا صامتين”، وختمت: “بالنيابة عن سفارة الولايات المتحدة ، أنضم إلى أصدقائنا الكثيرين هنا في لبنان في تجديد دعواتنا من أجل العدالة مرة أخرى. اليوم ، نرفض السماح للخوف والكراهية بالانتصار. نجتمع في الحب والصداقة التي تجمعهما ذكرى رجل جسد تلك المُثل “. اليوم نكرم حياة لقمان سليم وعمله وإرثه.

اخترنا لك