التغيير المناخي يدخل في زمن “العدالة البيئية الدولية”!

بقلم سمير سكاف – رئيس جمعية غرين غلوب
العضو المراقب في الأمم المتحدة في البيئة

الى أي مدى يمكن لمحكمة العدل الدولية أن تحمي البيئة والمناخ بعد القرار الأممي بطلب تدخلها ؟!

قرار أممي هام داعم لجزيرة فانواتو “الهادئية” يسهم في نقل الحقوق البيئية الى محكمة العدل الدولية. وذلك، في غياب محكمة دولية متخصصة بالمناخ. وبعد أن حاول المجتمع المدني البيئي طوال عقود الحصول على محكمة دولية متخصصة بالجرائم البيئية، وفي ظل محاولات وطنية مماثلة. وهو أمر لم يحصل دولياً حتى اليوم، على الرغم من صدور دليل وتوجيهات صادرة عن مكتب الأمم المتحدة في البيئة مع تعديلاته منذ عامين.

والهدف هو حماية الشعوب من الأضرار البيئية ومن تأثيرها على الشعوب والمجتمعات. وتشمل هذه الأضرار تأثيرات التغيير المناخي بالاعتماد على الطاقات الأحفورية الملوثة، والأضرار الصحية الناتجة عن مختلف أنواع الملوثات، والأضرار البيئية الناتجة عن تلويث الطبيعة والبحار والمحيطات والينابيع والأنهار، وضرب الغابات والمساحات الخضراء في العالم، والتشويه العمراني، واستهلاك الموارد الطبيعية من دون الحفاظ على استدامتها… ومعظم هذه السلوكيات هي عابرة للحدود بين الدول لا بل بين القارات. وقد عانى العالم أيضاً من التلوثات الناتجة من المشاكل النووية في تشيرنوبيل وفوكوشيما.

اليوم، وفي قرار يعتبره الكثيرون “تاريخياً”، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأكثرية 130 صوتاً، الطلب فيه من محكمة العدل الدولية إبداء الرأي في قضية جزيرة فانواتو. أي أن الأمم المتحدة تلجأ إلى محكمة العدل الدولية لتحقيق العدالة المناخية! ويخص إبداء رأي المحكمة “واجبات” الدول في مجال مكافحة ظاهرة التغيير المناخي.

في الواقع، هذا التطور “العدلي”، لا يحرج القوى العالمية العظمى، لأنه ليس هناك آليات لتطبيق القرارات الدولية، إلا بحسب تواجد القوى الكبرى في التكتلات والمعسكرات السياسية الكبرى! ومشكلة الالتزامات “المناخية” أنها تبقى غير ملزمة! فمنذ اتفاقية كيوتو في العام 1997 مروراً باتفاق باريس 2005 وكل قمم المناخ، بينها قمة شرم الشيخ مؤخراً… مقررات غير ملزمة وتعهدات غير مطبقة، ولا وجود لمؤسسة دولية قادرة على فرض تطبيقها! ومع ذلك، فإن هذا القرار الأممي يشكل خطوة أولى لتحصيل بعض الدول النامية قسماً من تعويضات “الخسائر والأضرار” التي أقرتها قمة شرم الشيخ، والتي تتسبب بها الأنشطة والسلوكيات المضرة والملوثة للدول العظمى الملوثة،

مثل الصين والهند والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي… والتي تؤدي الى تغييرات جذرية مأساوية في حياة الكوكب بأسره من جفاف وفيضانات وأعاصير وذوبان الجليد في المحيطات وانقراض الغابات، مع ما يمكن أن يؤدي ذلك لاحقاً الى غرق جزر ومدن ونزوح مئات الملايين من سكان البلدان. وعلى الرغم من ذلك، فإن الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش ورئيس وزراء فانواتو إسماعيل كالساكو قد شددا على تاريخية القرار الأممي، وإن كان غير ملزم!

ومع ذللك، فإن تطور نظام المساءلة البيئي والمناخي هام جداً، بانتظار بلوغ مرحلة المحاسبة… يوماً ما!

والواقع المأساوي أن العالم لا يقر بعد أنه خسر “الحرب العالمية المناخية الأولى”! وأنه لن يتمكن من وقف حرارة الأرض من الارتفاع درجتين بحلول العام 2050! إذ أن تسارع المشكلة يفوق سرعة مواجهتها! فالوعي الدولي لم يكتمل بعد! والجشع يتفوق على الفقر ويتكامل معه في تدمير البيئة وفي ارتفاع حرارة الأرض درجتين مع حلول العام 2050 بالمقارنة مع حرارتها مع بدء الثورة الصناعية!

اخترنا لك