ميا خليفة في أوكسفورد

بقلم ابن الجامعة اللبنانية الدكتور حبيب البدوي

“ذو العَقلِ يَشقى في النَعيمِ بِعَقلِهِ. وَأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَمُ.” أبو الطيب المتنبي.


في بداية الفصل الثاني من العام الدراسي الحالي 2022 – 2023، وفي صف “تعليم اللغة الإنكليزية” قسم الاجتماعيات – كلية التربية – الجامعة اللبنانية، وكعادتي أول حصة تعارفية، حدثت طالباتي “والطالب الوحيد” عن “السعي وراء الحلم” وأن يبقى هدفهم العلمي عظيماً، وخاصة أنهم في سنة التخرج ويجب أن تستمر مسيرتهم العلمية في “الدراسات العليا”، ولا يتوقف طموحهم عند “الإجازة التعليمية”.

ولأول مرة في مسيرتي التعليمية فوجئت بسؤال طالبة: “ما حلمك أنت؟”

جوابي العفوي السريع “أن أعطي محاضرة في أوكسفورد”

ويشاء القدر أن يصلني في شهر أيار “دعوة لإرسال ملخص” للمشاركة في مؤتمر في جامعة أوكسفورد عن الهجرة، وهي المادة التي لي شرف تدريسها في قسم التاريخ – كلية الآداب – الجامعة اللبنانية.

وبحكم خبرتي الطويلة، أرسلت المقترح التالي : Resilience and Adaptation : A Lebanese Diaspora Story

الخبر “السعيد” كان عبر مراسلة من منظمي المؤتمر، التفصيل “الأليم”، هو أن المؤتمر غير مموّل، ويمكنهم فقط دعمي بخمسين باوند، وهو مبلغ زهيد جداً مقارنة بسفرة إلى لندن.

وقعت في حيرة من أمري، بخاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يعيشها لبنان، بالأخص نحن أهل الجامعة اللبنانية، حيث ساعة التعاقد 65000 ليرة لبنانية = 0.5 $.

وفي ظل الوضع المالي الصعب الذي شرحته للإنكليز، اقترحوا أن يتم تمويل الرحلة من المؤسسات الأكاديمية اللبنانية المختصة، وهم سيسهلون باقي الأمور.

بالطبع لن أستجدي أحد لتمثيل وطني في أوكسفورد، فأنا حامل راية المجتمع الأكاديمي اللبناني في أهم محفل علمي عالمي، بل استشرت الزملاء في الجامعة اللبنانية، وكان رد الجميع محبطاً. ثم بناءً على اقتراح بريطاني جديد تواصلت مع الصديق الدكتور أمين الياس، بصفته رئيس الهيئة اللبنانية للتاريخ، مستشيراً الاقتراح، وكان رده الأخوي أن لا أحرج نفسي بالطلب، لأسباب لا داعي لسردها.

إعتذرت… وفي القلب حسرة.

اليوم ضجت السوشيال ميديا بخبر “استضافة” ميا خليفة في جامعة أوكسفورد…

ظننت أن الخبر مفبرك، ولكن وجدت “المحاضرة” بشحمها ولحمها…

لأردد الندب التراثي :

أبكي عليك يا زمن … ولَا على الأيام

أبكي علي يلي ظلم … ولًا على يلًي خان

وعلى كل حال، سيبقى الحلم ويستمر السعيّ، (وإن شاء الله) لكل مجتهد نصيب.

اخترنا لك