النفايات أسوأ أزمة يواجهها البلد بكل مناطقه. والتخلّص منها في مناطق الشمال، لا يزال الشغل الشاغل للحكومات ولوزراء البيئة المتعاقبين. وإذا كانت عودة مطمر سرار إلى العمل عبر رئاسة الحكومة، لتعالج جزءاً من المشكلة، بعدما أغرقت النفايات الطرقات والشوارع، إلا أنّ أزمة نفايات المنية لا تزال بحاجة إلى حلّ، وكذلك جبل نفايات مدينة طرابلس.
قبل نحو 4 سنوات، وفي أيام وزير البيئة السابق فادي جريصاتي، تصاعدت موجات الإعتراض المحلي على إنشاء مطمر الفوار في أعالي البداوي على أرض قيل إنّ ملكيتها تعود إلى كلّ من رجل الأعمال المقرّب من تيار «المستقبل» جهاد العرب وأحمد الخير نائب المنية الحالي. الإعتراضات الشعبية أدّت إلى وقف العمل بالمطمر مع أنه كان هناك تفاهم على إنشائه، ليستوعب نفايات المنية، دير عمار، الكورة وزغرتا وبشري. لكنّ التفكير بالحلول للأزمة أخذ البحث مجدداً إلى منطقة تربل الشمالية في محاولة لإقامة مطمر بمحاذاة مشروع الميرادور السياحي، فجوبه الأمر مجدّداً باعتراض الأهالي فتوقّف المشروع أيضاً.
ما يجري الحديث عنه أخيراً هو إنشاء مطمر في دير عمار في منطقة الكسارات، وهو مكان يتم فيه حالياً طمر نفايات دير عمار وجزء من نفايات المنية بعد إقفال مكبّ عدوة. في المستجدّات، اعترض الأهالي قبل أيام أمام مبنى بلدية دير عمار، إثر كتاب وزارة الداخلية والبلديات إلى البلدية بالموافقة على اعتماد المطمر، حيث يتخوّف الأهالي من نقل جبل نفايات طرابلس إليه، بغية تسهيل إقامة المنطقة الإقتصادية الخاصة، التي يجري الحديث عنها، بعدما فاتح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي النائب الخير بالأمر وحصل على موافقته، وأن وزير البيئة الحالي ناصر ياسين زار المكان أكثر من مرة برفقة نواب من المنطقة، لمعاينة المطمر.
نائب المنية السابق كاظم الخير الذي شارك إلى جانب النائب السابق عثمان علم الدين في الإعتصام في دير عمار بدعوة من هيئات المجتمع المدني قال لـ»نداء الوطن»: «هذا مشروع قديم جديد ولن نقبل به وقمنا بأول خطوة للرفض بالوقفة الإحتجاجية في دير عمار قبل أيام، وسنتابع تصدّينا مع الأهالي لهذا الأمر».
أضاف: «لقد اختنقت مناطقنا وهي ليست بحاجة إلى مطمر إنما تحتاج إلى تشغيل معمل الفرز الذي أحرقوه من أجل الضغط باتجاه فتح هذا المطمر، كما تحتاج المنطقة إلى تأمين 5000 متر أرض من أجل طمر العوادم، بعد تشغيل معمل الفرز وفي موقع آخر، أما غير ذلك من المشاريع المشبوهة فإنّها بالتأكيد لن تمرّ، إذ من يضمن أن مناطقنا لن تكون مكبّاً لمناطق أخرى وعلى حسابنا وحساب صحة أبنائنا، وقد فتحوا طريقاً إلى المطمر المقترح من جهة الفوار بشكل سري وبعيد عن الأعين»؟
في هذه الأثناء، ترى أوساط في المنية «أنّ خصوم الخير يحاولون تفجير الملفّات الضاغطة في وجهه للقول للرأي العام في المنطقة إنّ النائب الحالي لم ينّفذ وعوده لأهل منطقته إنّما يتاجر بهم وبصحّتهم. ولكن عدم مشاركته في الإعتصام ضدّ المطمر كانت لافتة، وأدرجها البعض في خانة موافقة مسبقة قد يكون أعطاها لميقاتي والوزير ياسين بتأييده لإنشاء المطمر».
وتؤكّد أوساط مطلعة في المنية «أنّ المطمر الحالي لن يمرّ، وسيلقى نفس مصير مطمريّ الفوار وتربل، وأنّ النائب الخير، وفي حال كان محرجاً بالفعل أمام الرئيس ميقاتي، الذي يحتضنه سياسياً بشكل كامل هذه الفترة، وكذلك أمام وزير البيئة، فإنه سيتخلّص من ذلك الإحراج بالقول إنّ الأهالي يرفضون ولا نستطيع أن نفعل شيئاً»، ولا تستبعد «أن يدفع الخير بأنصاره للمشاركة في أي حراك شعبي أوسع قد يحصل في الشارع لاحقاً، إذا ما تأزّمت الأمور أكثر، لتزخيم أي حراك في وجه المطمر، ويكون من جهة قد أبدى عدم الإعتراض على قرار الحكومة، ومن جهة أخرى ظهر أمام أهل منطقته بمظهر الرافض لإنشاء المطمر».