جوزف القصيفي نعى طلال سلمان

نعى نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي ناشر ” السفير ” ورئيس تحريرها طلال سلمان باسم مجلس النقابة وباسمه الشخصي، وقال: “غاب صوت الذين لا صوت لهم، صاحب القلم الماضي والحضور الطاغي في دنيا الصحافة والاعلام الذي شق طريقه إلى التألق بالحبر الذي اختلط بالعرق والدم، وبعصامية تتجاوز المغامرة التي خاض غمارها بامكانات متواضعة، ولكن بإيمان كبير وتصميم عنيد على أن يفرد لنفسه مكانة متقدمة، لا في الصحافة اللبنانية، بل في صحافة العرب، فكانت سفيره جواز مرور النخبة المتقدمة إلى الرأي العام، ونبض الرأي العام الذي يقتحم القصور والسرايات ويقض مضاجع الحكام. لقد نجح طلال سلمان في انشاء مدرسة صحافية تميزت بالريادة وحشدت في مبناها ومكاتبها الاقلام المبدعة، وأصحاب الاختصاص، وجمهرة من المندوبين والمراسلين الذين تميزوا بالخبرة والاحتراف والقدرة على اختراق الاسوار المستغلقة وتقديم المعلومات الدقيقة، حتى باتت جريدته من المراجع التي يركن إليها لدى البحث عن ألخبر الدقيق. ومن مدرسته تخرّج عشرات الزميلات والزملاء الذين شدته اليهم علاقات وثيقة تتجاوز ثنائية العلاقة بين رب العامل والعامل، فحدب عليهم وحرص على توفير كل اسباب الحياة اللائقة بهم. وعندما حملته الظروف على إغلاق “السفير” لم يقدم الا بعدما سدد للعاملين في مؤسسته تعويضاتهم حتى آخر بارة.

كان أليماً قراره، بل مفجعاً، لكنّه كان صادقاً مع نفسه ورافضاً السير في كل ما يناقض التزاماته. طلال سلمان قامة صحافية واعلامية عملاقة بلغت من النجاح خير مكان، لكن نشوة الغرور لم تستبد به، فظل على تواضعه كالسنبلة المليئة،مشرعا باب مكتبه ومنزله أمام الاصدقاء والزميلات والزملاء، وهو الذي كان لديه متسعا من الوقت للتجوال في ملكوت الكلمة الحلوة، والوتر الحاني. ذواقة شعر وموسيقى كان، ومحباً للحياة. احبه اصدقاؤه والعاملون معه واحترمه الملوك والامراء والرؤساء ولو باعدت بينه وبينهم آلاراء.

شجاعته وصلابة مواقفه عرضته لمحاولة اغتيال ظلت آثارها بادية عليه. اشتدت وطأة المرض عليه وانشب الداء مخالبه فيه بعد إغلاق ثمرة عمره “السفير” وبقي يقاوم بما استبقت لديه الحياة من قوة، ولم يسقط اليراع من يده الا بعد أن فقد القدرة على حمله.

فباسم مجلس نقابة المحررين، وباسمي الشخصي، كل التعازي لعائلة طلال سلمان الكبير الذي غادرنا، ولكل الزميلات والزملاء الذي عملوا في “السفير” وظلوا على عهد الوفاء لها، وليقر عينا في شمسطار، في التربة التي احب، وعشق ربوعها، وانس إلى اهلها، وليكن مثواه في صحبة الأبرار الصالحين من عباد الله. إنا لله وإنا إليه راجعون”.

اخترنا لك