عن الحب و الجنس في غياب فالنتاين
بقلم غسان صليبي
في غياب فالنتاين، نتكلم عن الحب والجنس بواقعية اكبر، وبصدق اكبر أيضا، بعيدا من الشمعة الحمراء التي تذوب حكما، والبالون الاحمر الذي سرعان ما ينكمش، والوردة الحمراء التي تذبل لا محالة. في غياب فالنتاين، نتكلم عن الحب والجنس بعيدا من حركة البيع والشراء في الأسواق التجارية، وبعيدا من النفاق والتكاذب في المنازل والشاليهات والمطاعم.
أكثر كلمة متداولة هي الحب وأكثر كلمة غير مفهومة هي الحب، وقوتها تكمن تحديدا في هذا التناقض….البنّاء او الهدّام.
عندما ندقق في المشاعر والسلوكيات التي يسمّونها حب، نستنتج انها تختلف كثيرا من شخص الى آخر ومن علاقة الى أخرى، لدرجة انتفاء القدرة على استنتاج عناصر مشتركة، سوى انها علاقات عاطفية، جنسية، بمضامين مختلفة.
يمكن لعلاقات الحب أن تتدرج من العلاقات السادومازوشية الى العلاقات الحنونة، من العلاقات التي يسودها التسلط والانتقام والخلافات الدائمة الى العلاقات التي تسودها المساواة والاحترام المتبادل والسلام بشكل عام. وفي الإجمال، العلاقات السادومازوشية مضطربة بإستمرار فيما العلاقات الحنونة يغلب عليها الاستقرار.
كلما كان التمييز ضد المرأة حادا ومحميا اجتماعيا، من خلال التقاليد والدين والقوانين، كلما كان احتمال غلبة العلاقات السادومازوشية بين الرجل والمرأة اكبر، فيلعب الرجل دور المتسلط والمرأة دور الخاضعة. بالمقابل كلما سادت المساواة بين الرجل والمرأة كلما ارتفعت احتمالات قيام علاقات حنونة بين الجنسين.
يمكن للجنس أن يكون امتدادا طبيعيا للحب، وشكل من اشكال ممارسة الحنان. كما يمكنه أن يكون تعبيرا عن الخوف من الوحدة، او تجسيدا للرغبة في السيطرة او الأذى او التدمير. وهو في الواقع يترافق مع المشاعر القوية، والحب واحدة منها.
اعلى درجات الحب، هي عندما تترافق الرغبة الجنسية القوية بالآخر مع الإحساس بالحنان الشديد تجاهه.
اجمل الجنس هو عندما يكون تعبيرا عن الحب وعن الرضى عن الآخر وتقديره واحترامه. لكن عندما يصبح وسيلة لمصالحة الحبيبين كلما اختلفا وفقدا الثقة بعضهما ببعض بسبب الأذى اللاحق بأحدهما او بالإثنين معا، يكون من نوع الجنس الذي يتغذى بالعلاقات السادومازوشية.
الغيرة المرضية هي تشكيك بالحب بحجة الحب، وهي في العمق عدم ثقة بالنفس وبالآخر.
الصديق(ة) مشروع حبيب(ة) مؤجل، وانعدام الرغبة الجنسية تجاه الصديق(ة)، هو في الكثير من الأحيان، اما نتيجة لجم لا واعي للرغبة الجنسية بحجة الصداقة، او نتيجة لأسر الرغبة الجنسية في نمط سادومازوشي لا يتوافق مع العلاقة الحنونة والمتساوية بين صديقين، وكأن الصديقين يغنيان مع فيروز “لو كان قلبي معي ما اخترت غيركم، لكنه يحب من يعذبه”.
وحدها الرفقة تستطيع أن تجمع الصداقة والحب معا، وتصالحهما، فيكون الحبيب صديقا والصديق حبيبا في مشوار الرفقة.