١٧ تشرين… الثورة مستمرة

بقلم الشاعر محمد مطر – شاعر في اللغة المحكية اللبنانية

تأتي ذكرى الثورة 17 تشرين هذا العام و الوطن يغرق في ثبات.

كأن قواه الحيَّة التي أشعلت الشوارع و الساحات أصابها الخدر أو هي في غيبوبة. المستغرب بعد كل هذه الفظائع التي تشهدها الساحة اللبنانية, من هيروشيما المرفأ و الدمار الهائل الذي أصاب بيروت قلب لبنان.

و سرقة أموال المودعين بالتواطؤ بين الزمرة الحاكمة و المصارف و إفلاس الشعب و الدولة و هذا الغلاء الفاحش. متى نستيقظ و إلى متى هذا الخمول.

لكن حركة التاريخ و الثورات تجعلنا على يقين أن الثورة القادمة ستكون أعنف و على درجة عالية من التنظيم و الوعي.

يعود بي الزمن إلى تلك الأيام و الليالي المجيدة في كل الساحات و على امتداد ألوطن, حيث تصدح الحناجر و ترتفع القبضات يوم كنا على قاب قوسين من التغيير و التخلص من زمرة الفساد. يومها قلت :

فاق المارد هب الشعب
نحنا القوة و رقم الصعب
كل من بيجرب يرهبنا
ما بيستاهل غير الزعب
ما منتراجع عن واجبنا
حتى تحقيق مطالبنا
ونحاسب كل من ناهبنا
كلن كلن يعني كلن
صار بدن شيل من الكعب

أجهضت الثورة نعم, لكن دماء شهداؤها و تضحيات الأهالي و الصبايا و الشباب لم تذهب سدى فقد أرست مفاهيم جديدة و كسرت حاجز الخوف وأسقطت رهبة و هيبة زعماء الطوائف, فاضحة كل ألاعيبهم و صفقاتهم واغتصابهم السلطة.

فالانتخابات النيابية الأخيرة, رغم سوء القانون الانتخابي و كل الممارسات و الضغوط والشوائب, دخل إلى الندوة البرلمانية ممثلين للثورة نعتز ونفتخر بهم و بأدائهم.

منذ الحرب الأهلية إلى يومنا هذا كل الأحزاب التي تعاقبت و ما زالت من يمين و يسار و ممثلي طوائف, كان دأبها تهميش دور الدولة و المؤسسات تعزيزاً لدورها ومؤسساتها و مشاريعها الفئوية و ارتباطاتها.

لذلك قوة الثورة أنها اندلعت عفوية من خارج كل هذه الأحزاب و فاجأت الجميع, فكان لها طابع مختلف عن كل ما سبق من تحركات مطلبية كانت موجهة و مبرمجة.

الثورة أعادت لنا الأمل بأن هناك جو جديد يفتح على آفاق واعدة, لكن قوى الأمر الواقع أصحاب المشاريع الخاصة هالها الامر و لم توفر أي جهد لتحطيم الثورة و حرف أهدافها بكل الوسائل, بالمواجهات الميدانية في الساحات و محاولة حرق الخيم و استعمال كل وسائل البلطجة من جماعات الموتوسيكلات و الهراوات و الترهيب و فقأ العيون بالتصويب عمداً, عدا الضخ الإعلامي المبرمج.

حادثة حرق الخيم في ساحة العلم-صور كنت شاهداً عليها, فلولا تدخل الجيش اللبناني كانت حصلت كارثة. بالطبع استغلوا النقاط السلبية التي برزت من قبل بعض المنخرطين في الثورة حيث برز الانتهازي و المسترزق المتطفل و من رأى فيها فرصة لا للتغيير وإنما لتسجيل النقاط و استهداف الخصوم من خلالها.

أهم نقاط القوة التي أرستها الثورة هي الإيمان بالدولة و عمل المؤسسات للتخلص من هذا الأخطبوط المذهبي – الطائفي البغيض المتحكم بمصير العباد و البلاد. هذا يستلزم نضال طويل النفس و ذلك عبر تفكيك التحالف المقدس بين رجال الدين و زعماء الطوائف, حيث لكل زعيم مرجعيته المذهبية, تدق النفير عند أي استحقاق داهم بالتهديد و الوعيد و أن الطائفة في خطر إلى آخر المعزوفة في حال تعرضت كرسي الزعيم للاهتزاز.

أبناء الطائفة الذين تم ربطهم اجتماعيا عن طريق الوظيفة و الخدمات و التنفيعات على حساب الدولة و المؤسسات, قافزين فوق القوانين جاهزين لكي يكونوا وقوداً لأي حرب و نزاع عبثي للمحافظة على موقع مرجعيتهم خوفاً من افتقادهم للامتيازات و الفتات الذي يعتاشون عليه.

إن عقدة العقد تحالف رجال الدين و رجال السياسة, من أجل فكفكتها يجب أن تنصب كل الجهود و الآمال ولن نيأس, التغيير آت آت.

حلم التطور مين قال بعيد
شطحة خيال وأمر مش بالإيد
للحق جولة و البُطل جولة
جولة الحق مأكدة تأكيد
رح قولها ومسؤول عن قولي
لبنان ما بيعيش عصر جديد
وأجيالنا تتنعم بدولة
إلا بفصل الدين و الدولة
حاجي عبيد بتحكم رقاب العبيد

اخترنا لك