النفايات تكتسح شوارع عكار : طمر وحرق وأضرار صحية

بقلم مايز عبيد

تتخلّص قرى وبلدات عكارية في الآونة الأخيرة من النفايات المتراكمة في شوارعها وأحيائها وطرقاتها بحرقها في مكانها. فقد فشلت عملية رفع النفايات في عدد كبير من بلدات عكار نتيجة شحّ الأموال لدى البلديات ومطالبة مطمر “سرار” – المطمر الوحيد في عكار – بدولار فريش من البلديات مقابل استقبال نفايات هذه المناطق من أجل طمرها.

يرفع الأهالي الصوت منددين بحرق النفايات ، وتمتلئ صفحات وسائل التواصل الإجتماعي بالشكوى من الحرق المستمر للنفايات التي يقوم بها البعض بهدف التخلّص من النفايات المتراكمة، ولكن من دون الإنتباه إلى ما قد يسببه هذا الحرق من مخاطر على صحة الناس لاسيما الأطفال.

ويؤكد الدكتور محمد هزيم لـ “المدن” إلى أن “مخاطر حرق النفايات على الإنسان والحيوان والبيئة بشكل عام، وما ينبعث منها من روائح وسموم، لا تقلّ خطورة عن تلك التي تحصل من جراء تراكم النفايات في الشوارع”، ويناشد “الأهالي عدم الإقدام على حرق النفايات وترك الأمور للمعالجة الصحيحة والمساهمة ما أمكن، كأهالي بجمع النفايات، لو على حسابهم، ريثما يتم التوصل إلى أي حل يؤدي إلى رفع هذه الكارثة عن كاهلهم وكاهل المنطقة”.

عجز البلديات

العجز المالي في صناديق البلديات والاتحادات أسهم في عودة مشكلة النفايات إلى الواجهة من جديد في قرى عكار. مشكلة البلديات تكمن في شح الأموال في صناديقها، وكل ما يجري من حلول سواء بإشراك الناس بدفع المبالغ أو بالإتفاق بين المطمر وكل بلدية أو اتحاد على حدة، تبقى آنية وغير مستدامة، وسرعان ما تعود المشكلة إلى الظهور.

أما مطمر “سرار” الذي يستقبل نفايات أكثرية القرى فهو يطلب نحو العشرين دولاراً عن كل طن نفايات من أجل طمرها بغضّ النظر عن قرب البلدة من المطمر، وهو يعزو ذلك إلى أن “كل احتياجات المطمر وآلياته تحسب على الدولار والعمل فقط للاستمرار لا أكثر”.

وصارت البلدية التي تتمكّن من إزالة النفايات من نطاقها لشهر أو شهرين تعتبر ذلك إنجازاً كبيراً، بينما تراجعت طموحات الناس ومطالبها من البلديات، فيرى مواطنون بأن البلدية إذا تمكّنت من رفع النفايات من الشوارع فهذا يكفي.

يؤكد رئيس اتحاد بلديات الدريب الغربي أحمد كفا لـ”المدن” “أن الوضع فيما خصّ أزمة النفايات مذرٍ ولا إمكانية لدى الأهالي بدفع مبالغ تطلبها البلديات من أجل رفعها.

ويضيف: “الحل إما بأن تبادر المنظمات الدولية فتدفع لصاحب المطمر بدل أن تدفع للناس والنازحين بالبطاقات، علماً أن النازحين لا يدفعون، أو أن تأخذ الدولة المطمر وتحوله إلى معمل فرز وتبيع البلديات نفاياتها للمعمل”؛ وبحسب كفا “ثمة حلول كثيرة طرحناها في أكثر من اجتماع لهذه الغاية ولكن الدولة كما يبدو تريد أن تحمّل البلديات أعباء كبيرة ومنها أعباء النزوح من دون أن تقدم لنا المساعدة”.

مطمر سرار

في قرية “سرار” حيث يوجد مكبّ ومطمر النفايات، تم بناء معمل للفرز بدعم وتمويل من الإتحاد الأوروبي وإشراف وزارة التنمية الإدارية قبل سنوات، وأُسند تشغيله لشركة الأمانة العربية، والمعمل جاهز للعمل لكنّه مقفل حتى هذا الحين وتتعرض معداته للتلف. كان من المفترض للمعمل أن يعالج الجزء الأكبر من نفايات عكار ويوفّر على جزء كبير من بلديات المنطقة تكاليفها، لأنّ الدولة كانت ستتكفّل بها، والمشكلة أن شركة «الأمانة العربية» التزمت من الدولة الفرز على أساس 25 دولاراً للطن الواحد عندما كان سعر صرف الدولار حينها 1500 ليرة لبنانية، ولا إمكانية لتشغيل معمل الفرز على نفس السعر السابق.

المكبات العشوائية

في مرحلة سابقة، صدر قرار بمنع المكبات العشوائية وتحويل جميع نفايات البلديات نحو مكب سرار للانتهاء من ظاهرة المكبات العشوائية وانتشار النفايات على الطرقات. لم يدم مفعول هذا القرار طويلاً وعادت المكبات العشوائية لتملأ الطرقات والأراضي، ومن غير المبالغ فيه القول بأن كل مستوعب للنفايات موجود على طريق تحول إلى ما يشبه المكب العشوائي إذ تنتشر النفايات حوله وبكميات كبيرة. تجدر الإشارة إلى أن بعض النازحين السوريين يقومون بفلش هذه النفايات وجمع التنك والحديد من بينها بغية بيع هذه المواد، وهو أمر يؤدي إلى انتشار أوسع للنفايات أيضاً وانتشار روائحها.

اخترنا لك