بقلم بسام سنو
ناشط سياسي
الشعب قال كلمته في ١٧ تشرين ٢٠١٩… كلّن يعني كلّن، ولم يكن هذا الشعار إلا عصارةً لجهود الكثيرين ممن شعروا أن التغيير لن يحدث إلا إذا طال جميع الطبقات المتجذرة في الأرض. إنهم الذين حاربوا وقتلوا ونهبوا خلال حرب استمرت خمسة عشر عامًا. جاء بعدها اتفاقية لم ترَ النور، لأن هذه الطبقة المجرمة هي التي حكمت، بدلًا من أن تحاكم كجزء من اتفاق سوري أميركي سعودي كجائزة لإنهاء حرب قتل فيها الشعب اللبناني بمسامعهم وبأيديهم.
إن ثورة ١٧ تشرين جاءت بعد سنوات من البحبوحة المزيفة، التي بنيت على قروض دولية ومحلية دون أي برامج أو رؤية اقتصادية، بل المزيد من السرقات والرشوة. وصلنا إلى انكماش اقتصادي أدى إلى التوقف عن دفع مستحقات اليورو بوند، وأدى إلى إفلاس المصارف. ولكن الدولة تعلم أن فسادها الإداري وسوء إداراتها سيؤثران على مسار البلد اقتصاديًا وربما أمنيًا. فنزل كل الجيل المثقف ليقف في وجههم ويقول: كفى، لن نسمح لكم أن تستمروا في دمار مستقبلنا بعد أن دمرتم جيلًا من قبلنا وتورطتم أولادكم بالعار بتاج من الغار.
إنها صورة لما حدث، وتأثيره كان مخيفًا عليهم، حتى زعزعت كيانهم. فعمدوا بكل الوسائل التي علموها من الأعداء قبل الأصدقاء، إلى ردع المظاهرات، ثم شد الحبال على من خرج عن طاعتهم بالتفقير والتهديد، حتى التهذيب والقتل، للعودة إلى أحزاب خرجت عن طاعتها.
اليوم، ثورة ١٧ تشرين أصبحت من التاريخ. أصبحت شعلة للتغيير الذي كان لا بد من أن يحدث. ولكن الأمل لم ينته بعد، فذكرى ١٧ تشرين هي ذكرى للأمل في بناء وطن يحلم فيه المواطن بحياة كريمة خارجة عن منطق المحاصصة، إلى منطق الشراكة في بناء وطن يسوده المساواة والعدالة والفرص. سنبقى نحيي هذا اليوم العظيم، سنبقى نتطلع إلى فرص أخرى لإعادة الأمل في التغيير، مهما عصفت الأمور. ستبقى ١٧ تشرين ملقى الوطنيين على مر السنين.