منظمة العمل اليساري تقرأ تطورات الصراع المحتدم من بواباته : هدف الحرب الاميركية ـ “الاسرائيلية” الاجهاز على قضية فلسطين

رصد بوابة بيروت

عقد المكتب التنفيذي لمنظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني اجتماعاً مطولا في الاسبوع الأخير من شهر شباط، خصصه لمناقشة تطورات ونتائج الحرب على جباتها المتعددة والمخاطر المترتبة عنها على أوضاع المنطقة والقضية الفلسطينية ولبنان. وقرر في ختام أعماله إصدار بيان، هذا نصه :

منذ خمسة أشهر، تتوالى فصول الحرب الاسرائيلية المفتوحة ضد الشعب الفلسطيني بشكل كارثي على الصعد كافة: الانسانية وما ترتب عليها من أوضاع مأساوية. والسياسية بأبعادها الداخلية والعربية والدولية. وتتكشف يومياً، عبر سائر ملفات القضية والحرب، مدى خطورة المخطط الصهيوني الذي يستهدف في نهاية المطاف تبديد الوجود الفلسطيني وتصفية قضيته وحقوقه الوطنية في آن.

وفي هذا الاطار تتابع اسرائيل تحضيراتها لاستكمال المرحلة الأخيرة من حربها على قطاع غزة. والتي تتمثل باحتلال ما تفترضه المعقل الأخير لحركة حماس في مدينة رفح، بغية تدميرها وتشتيت جموع النازحين المتواجدين حولها بهدف تهجيرهم. وهم المحاصرون بالمجازر اليومية والمجاعة الزاحفة، ومحاولات دفعهم بكل الوسائل باتجاه الحدود المصرية في اطار الضغط على مصر وتحميلها مسؤولية بقائهم على قيد الحياة.

لقد أكد مسار الحرب وعلى نحو لا يحتمل الالتباس، طبيعة العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني. لكنه لم يمنع حصول تباينات أو اختلافات حول وجهة متابعة الحرب وتحقيق أهدافها، انطلاقاً من الحرص الاميركي على وجود مصالح ووظائف دولة اسرائيل. يؤكد ذلك، الاشراف الكامل والمتابعة الدؤوبة لتفاصيل الحرب من قبل الادارة الاميركية، واستمرار قوافل المساعدات العسكرية والتحويلات المالية. وتأكيد التزام أركانها بأمن اسرائيل وبرفض وقف اطلاق النار. والأخطر هو محاولاتها تقويض دور الامم المتحدة، والانتقام من قرار محكمة العدل الدولية حول وجود شبهة إبادة جماعية للمدنيين الفلسطينيين، والسعي لإلغاء وكالة الاونروا ليس باعتبارها شاهد أممي على الحرب، أو وكالة غوث ومساعدات معيشية وصحية وتعليمية، إنما بهدف الاطاحة بحق عودة اللاجئين إلى وطنهم.

إن الولايات المتحدة وسائر حلفاء اسرائيل من الدول الاوروبية، ليس لديهم أي اعتراض جدي على اجتياح الجيش الاسرائيلي مدينة رفح. وجل ما يطالبون به، مراعاة وجود المدنيين والتحذير من ارتكاب مجازر بشرية ضدهم. وإجبارهم على الفرار إلى أماكن أخرى ثبت أنها غير آمنه.

إن الاعلانات الاميركية والاوروبية المتكررة حول حل الدولتين، وضرورة قيام دولة فلسطينية، لا تزال مجرد فكرة، تستخدم لإعادة تعويم اسرائيل عربياً ودولياً، ولتقديم الادارة الاميركية نفسها كوسيط لحل الصراع العربي ـ الاسرائيلي.

إن الشكوك حول الطرح الاميركي، يعززها التصلب الاسرائيلي المتمادي والمتصاعد في رفض هذا الخيار، منذ صعود اليمين، وثم اليمين المتطرف إلى مواقع السلطة، وتنفيذ بناء الدولة اليهودية على كامل فلسطين. كما تؤكدها الحرب الحالية، والمواقف السياسية التي تظلل اهدافها المعلنة ومسار العمليات العسكرية. وهي حرب لم تلق إي اعتراض يمكن الرهان عليه داخل المجتمع الاسرائيلي المنحاز بغالبيته لمخططات اليمين الصهيوني التاريخية.

إن خطورة الوضع في قطاع غزة، تتجاوز رفض اي دور لحماس. فأهداف الحرب التي يكررها أعضاء حكومة الحرب الاسرائيلية. والتي لخصها رئيسها عبر وثيقة تتضمن، إقامة شريط عازل، ورفض عودة السلطة الفلسطينية، واقفال الحدود مع مصر لمنع دخول السلاح، والاشراف الامني المباشر، وتولي لجان وجهاء العشائر ادارة القطاع. وتعكس الوثيقة الرغبة في إدامة الاحتلال والتحكم بعملية إعادة الاعمار وضبط وتقنين عودة السكان، ورفض إعادة ربط القطاع بالضفة.

إن الاخطار المحدقة بالقضية الفلسطينية لا تكمن في الاهداف الاسرائيلية والطروحات الاميركية وحسب، إنما في أداء بعض الانظمة العربية خلال الحرب ولغاية الآن.. في موازاة عجز واستقالة دول أخرى عن القيام بالحد الادنى من الضغط لوقف المجازر البشرية، أو لفك الحصار وادخال المساعدات الغذائية والصحية، والاكتفاء بوضع شروط مبدئية وعامة للتطبيع مع اسرائيل، مثل قبولها ولو شكلاً بحل الدولتين المرفوض من قبلها. أما بقية الدول فهي التي تعاني حالاً من الانهيار على نحو لا يمكن الاعتداد بما يصدر عن الناطقين باسمها من مواقف.

لكن الأشد خطورة ورغم التضحيات المهولة التي دفعها الشعب الفلسطيني في صموده الاسطوري. هو استمرار الإنقسام الفلسطيني رغم الحصار ومفاعيل الحرب التدميرية وعمليات الابادة البشرية والمجاعة الجماعية أمام أنظار العالمين الدولي والعربي. ولذلك لا يمكن إعفاء القيادات الفلسطينية من المسؤولية دون استثناء، وفي المقدمة قيادة حماس التي تبحث عن شبهة نصر بين المقابر الجماعية وسط الركام، والسلطة الوطنية وسائر الفصائل، المحاصرة بخياراتها وادائها والتي يفاقم مأزقها الهجوم الاسرائيلي والحصار الخارجي. والمسؤولية تتعلق بما آلت إليه أوضاع الشعب الفلسطيني، ومضاعفاتها السلبية على قضيته وحقوقه. كما على قدرته في الصمود انطلاقاً من الرصيد المتبقي ومن استعداده للتضحية دفاعاً عن وجوده على ارضه، بدعم من الرأي العام الدولي بأجياله الجديدة التي لم تعد تقنعها السردية الصهيونية المزوّرة حول فلسطين.

الحرب الايرانية مع اميركا بأدوات عربية

إن مسار توسع نفوذ النظام الايراني طوال العقود الماضية أسر المنطقة ولم يزل. سواء عبر محاولات تصدير الثورة الى البلدان العربية. ومحطات التدخل في أزماتها على رافعة القضية الفلسطينية. والتي توالت فصولاً، منذ دخول الحرس الثوري الى لبنان اثناء الاجتياح الاسرائيلي له صيف 1982. و التدخل في أوضاع العراق أثناء وبعد الحرب الاميركية عليه، وفي دول الخليج وصولاً إلى اليمن.

لقد شكل الاستثمار الايراني، عامل تفكيك أضافي، من خلال تأسيس قوى وتنظيمات مذهبية تدين بالولاء للنظام ومرجعيته الدينية والسياسية. وعبر التدخل المباشر في النزاعات التي انفجرت تحت وطأة سياسات وممارسات انظمة الاستبداد فيها.

إن السياسات الايرانية قد ساهمت دون شك، في اضعاف نوابض الصراع العربي ـ الاسرائيلي، وتقدم عليه الصراع الايراني ـ العربي، بكل مخاطره على الطرفين. كما ساهمت في تفكيك بنى البلدان، واضعف حصاناتها الوطنية والقومية. الأمر الذي سهل لبعض الحكام الانفتاح على اسرائيل والتطبيع معها بدفع وتشجيع اميركي معلن. هذا عدا المفاعيل السلبية على صعيد الوحدة الفلسطينية وتسعير الانقسام بين قواها بذريعة تبني المقاومة المسلحة والالتزام بتحرير القدس وتدمير اسرائيل.

إن خطورة سياسة النظام الايراني، تأكدت عبر استجابته السريعة لنفي أي دور له في عملية حماس، والتزام عدم خوض الحرب ضد اسرائيل أو الدخول في مواجهة معها. وللتغطية كلف التنظيمات التابعة له والملحقة به، الاعلان وبشكل متدرج عن معارك مساندة غزة. والهدف استدراج اشراكه في البحث حول مستقبل أوضاع المنطقة، باعتباره طرفاً اقليمياً فاعلاً ومقبولاً من أميركا. وقد فاته أن هذا الدور فقد مبرراته لان نتائجه ومردوده باتا في عهدة اميركا واسرائيل. وأنهما ليس بوارد اعطاء أي دور في ملفات القضية الفلسطينية له أو لسواه.

لقد تحصن النظام الايراني بمعادلة الرفض المتبادل مع اميركا للحرب الشاملة. لكنه اعتمد التصعيد المتدرج بواسطة قواه المحلية في السياسة والميدان. أما التعامل الاميركي والاسرائيلي مع تلك المعارك فقد حكمته اولويات الحرب ضد الشعب الفلسطيني. ومع ارتفاع وتيرة التصعيد، وتجاوز الخطوط الحمر، وسقوط خسائر بشرية، والمطالبة بالانسحاب الاميركي من العراق وسوريا، اندفعت الادارة الاميركية للرد بضربات تدميرية غير مسبوقة طالت مراكز تلك التنظيمات. ولوحت للحكومة العراقية ولايران معاً بتفجير الاوضاع الامنية والسياسية والاقتصادية في العراق وسوريا.

إن الرد الاميركي عكس جوهر سياسة واشنطن حيال الدور الايراني في المنطقة، وتعمد تحميلها مسؤولية عمليات التنظيمات المحلية التي يديرها، سواء ضد الوجود الاميركي أو ضد اسرائيل. ما يعني أن الادارات الاميركية التي تعايشت واستثمرت في أداء النظام الايراني ليست بوارد مكافأته أو قبول طلب شراكته معها.

من الواضح أن السياسة الاميركية تستهدف تكريس هيمنتها وسيطرتها على المنطقة، وتنطلق من نتائج ادارتها وتدخلها في أزماتها، دولاً وكيانات وقضايا. كما تستند إلى قدرتها السياسية والعسكرية في إقامة وقيادة تحالفات دولية واقليمية عاملة فيها، سعياً منها لإعادة تنظيمها وفق مصالحها الاستراتيجية. وذلك من خلال استكمال مسار التطبيع الذي بدأ مع كامب ديفيد، ومع مؤتمر السلام العربي ـ الاسرائيلي. خاصة بعد إفراغ مبادرة السلام العربية من مضمونها الفعلي، وعطفاً على النتائج التدميرية للتدخل الايراني والتركي على روافع طائفية، في أزمات المنطقة تحت سقف استراتيجية الفوضى الخلاقة الاميركية.

إن مفاعيل الحرب الاسرائيلية والدور الأميركي، لم تقتصر على أوضاع المنطقة. وهذا ما تؤكد لائحة البلدان والدول المتضررة اقتصادياً. بدءاً من اليابان والهند ودول جنوب شرق آسيا، مروراً بمصر إلى سائر دول حوض البحر المتوسط والقارة الاوروبية، بالاضافة إلى انكشاف عجز روسيا والصين عن التأثير في احداث الشرق الاوسط.

المأزق اللبناني ومعركة حزب الله

إن المعركة التي قررها حزب الله على الحدود اللبنانية الفلسطينية تختلف عن سواها. في أنها أولاً، وقعت في امتداد حالة الاشتباك المفتوح مع العدو الصهيوني منذ عقود طويلة، من بوابة القضية الفلسطينية، ومن خلال مقاومة احتلال اسرائيل للبنان. وثانياً بما تنطوي عليه من التباسات حول مسألة ترسيم الحدود البرية بعد انجاز البحرية منها، بالإضافة إلى إشكالية هوية منطقة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا الخاضعة للاحتلال الصهيوني.

صحيح أن المعركة التي قررها الحزب منفرداً تحت راية “مساندة غزة”، قد شكلت خروجاً على الوضع السائد على جبهتي الحدود الجنوبية مع العدو الاسرائيلي منذ العام 2006. لكنها لم ترقَ الى مستوى اعلان الحرب معه. وقد أتت مخرجاً وتغطية لقرار عدم الدخول في حرب مع اسرائيل بالتوافق مع التوجه الايراني. لكنها في المقابل، وضعت القيادتين الاميركية والاسرائيلية أمام تحدي خوض حرب ثانية على الجبهة الشمالية، بالتزامن مع أولوية الحرب الوجودية المفتوحة التي قرراها ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية.

إن قرار الحزب وضع البلد امام الامر الواقع، بصرف النظر عن الشعارات التي ظللته. خصوصاً وأنه لم يأخذ وضع لبنان الصعب بنظر الاعتبار. سواء على صعيد فراغ السلطة وشلل مؤسسات الدولة واجهزتها، أو لجهة الانهيار الاقتصادي والمالي، وحالة الفوضى السياسية. والأخطر هو تجاهل مضاعفات الانقسام الأهلي حول المعركة في امتداد السائد من انقسامات وخلافات وصراعات.. ما يعني أن معركة الحزب أضافت إلى أزمات البلد المتفجرة، خطر تنفيذ تهديدات العدو الاسرائيلي وتعريضه لحرب تدميرية شاملة.

إن قرار المعركة وضع حكومة تصريف الاعمال وما تبقى من مؤسسات وأجهزة الدولة أمام الأمر الواقع، في وضعية المغلوب على أمره. كما وأن أهالي قرى وبلدات المواجهة على طول الشريط الحدودي قد تركوا لأمرهم أيضاً، وفرض عليهم التسليم بقرار الحزب، والخضوع للأمر الواقع دون أخذ رأيهم أو مصالحهم بنظر الاعتبار تحت طائلة التخوين. وسط عجز مؤسسات الدولة عن تقديم الحد الادنى من عمليات الاغاثة المعيشية والخدماتية لمواطنيها. مع رفض بعض اطراف السلطة تقديم المساعدات للنازحين، أو التعويض عليهم.

إن خطورة الوضع اللبناني الراهن مردها، طبيعة المعركة وارتباطها بالسياسة الايرانية في المنطقة، رغم الربط الشكلي لها بالحرب على غزة. خاصة أن قيادة العدو، لم تكتفِ بقواعد الاشتباك، بل استغلت المعركة بالتنسيق مع الولايات المتحدة، لتصعيد معركتها ضد لبنان والتمهيد لتنفيذ تهديداتها. ولذلك كانت المطالبة بتنفيذ القرار 1701 على الجبهة الشمالية. حيث تشكلت جبهة ضغط دولي بقيادة الولايات المتحدة، لتحقيق أهداف الحرب مع لبنان دون حصولها. ومع تقدم الحرب الاسرائيلية في غزة نحو مراحلها الاخيرة، بدأت معركتها على جبهتها الشمالية مع لبنان، تأخذ منحىً تصعيدياً متدرجا، نحو التحول إلى حرب من طرف واحد. وتجاوزالشريط الحدودي نحو مناطق الجنوب والعمق اللبناني.

إن الموقف الايراني حيال الحرب، والذي يستثمر في معركة حزب الله، يقضي بعدم الرد على التصعيد الاسرائيلي، والتحصن باستراتيجية الصبر بانتظار اتفاق الهدنه في غزة، علّه يشكل مخرجاً لائقاً من المعركة بأقل الخسائر الممكنة، بديلاً عن حرب مفتوحة ستكون خسائرها مدمرة للبنان والحزب وفادحة لايران. وبعيداً عن التحليلات حول المضاعفات السلبية للمعركة على أوضاع الحزب، رغم أنه لا يمكن تجاهل ارتداداتها بالنظر لحجم خسائره التي لا يمكن الاستهانة بها في الاطارين اللبناني والاقليمي. مقابل المعادلة الاسرائيلية المدعومة اميركياً ودولياً، القائمة على رفض العودة الى ما كان سائداً قبل 8 تشرين الماضي.

إن التهديدات التي يتنافس قادة العدو والموفدون الدوليون على اطلاقها، والتي تكرر تحميل لبنان والحزب مسؤولية الحرب ونتائجها، لا يمكن الاستهانة بها. خاصة وأن البلد هو في حالة حرب مفتوحة منذ خمسة أشهر. وما يزيد من خطورة الوضع تسارع وتيرة التصعيد الاسرائيلي، في موازاة الاعلان عن مستويات واسعة من الاستعدادات والتحشيد العسكري على وقع التهديدات.

إن المنظمة تشدد على أن مسؤولية انقاذ البلد تقع أولاً واساساً على عاتق سائر الاطراف وجميع اللبنانيين دون استثناء وليس على أي جهة أو دولة أخرى.. ولذلك فإن عملية الانقاذ تتطلب من سائر الاطراف الاقلاع عن الاستقواء بدول الخارج التي تبحث عن مصالح بلادها أو أنظمتها. والتخلي عن السياسات الانتظارية والتحصن بالقرارات العربية والدولية .

إن خطر الحرب المدمرة يهدد كل لبنان. وأن أولوية بقائه وإنقاذه من الخطر الداهم تتقدم على كل ما عداها. ولا مكان فيها للمصالح الفئوية، أو لتجاهل حقوق المتضررين على كل المستويات الوطنية والعامة. ولا تنفع فيها المزايدات الرخيصة وتصفية الحسابات على حساب الوطن. كما وأن هواجس اللبنانيين ومخاوفهم لا تعالج عبر تقاذف الاتهامات وتبادل تهم الخيانة. علماً أن محاذرة الوقوع في فخ التصعيد الاسرائيلي لا تشكل ضمانة للبنان. ولا يختلف عنها انتظار الهدنة الموعودة في غزة.

إن التحلل من المسؤولية الوطنية هو أقصر طرق دفع لبنان نحو الخراب والدمار. علماً أن بقاء لبنان وانقاذه هو أهم دعم للقضية الفلسطينية.

ولذلك فإن المنظمة ترى أن مصلحة لبنان الوطنية وبقاؤه وطن لجميع إبنائه، يتطلب أولاً، مبادرة جميع اطراف السلطة وقوى الاعتراض لتحمل مسؤولياتهم، كل من موقعه، والاقلاع عن المشاريع الوهمية والمغامرات غير المحسوبة واعتماد سياسة وطنية واقعية، بعيداً عن الارتهان للخارج أو الاستقواء به. والانطلاق ثانياً، نحو مد جسور التلاقي والحوار المسؤول، مدخلاً وحيداً لإعادة بناء الثقة بين اللبنانيين، ولتجميع ما تبقى من أوراق القوة وعدم التفريط أو التلاعب بها. والاسراع ثالثاً، وقبل فوات الأوان لايجاد المخرج المشترك لحماية لبنان وتجاوز المأزق القاتل الذي يأسر كل اللبنانيين.

إنها المعادلة الصعبة لإنقاذ لبنان كل لبنان من الاخطار. فلا يتوهمن أحد أنه سيكون الناجي الوحيد من الغرق. ولا جدوى من انتظار الخلاص من اميركا أو ايران وغيرهما. إنها مسؤولية اللبنانيين دون سواهم وقبل فوات الأوان.

تعالوا جميعاً نجدد انتسابنا إلى لبنان الوطن، ونبادر معاً إلى تجديد الأمل ببقائه وبإمكانية إنقاذه في آن.

اخترنا لك