الزميلة سناء دياب تواجه مرضها بالصبر والإرادة

نقلاً عن صفحة الزميلة سناء دياب

نشرت الزميلة الإعلامية المخضرمة سناء دياب على صفحتها الخاصة على الفايسبوك بجرأة ، ما آل إليه وضعها الصحي ، بعد اصابتها مؤخرا بمرض السرطان، حيث تسرد المها اليومي وتبدل حالها…

فكتبت تقول : يفتح الصبح عيني كما في كل يوم… السابعة والنصف. هو اليوم التالي لجلسة علاجي الكيميائي الثانية. أزيح ستار النوم عن وجهي وأرتد بجسدي النحيف قليلاً إلى الخلف. الكثير من الشعيرات تساقطت… الكثير، غيّرتْ وجه الوسادة ذا الألوان المشرقة.

غمامة حزن تسرقني من إشراقة الصباح. بالأمس استأصلوا صدري… كلّه، واليوم يهطل شعري زخّات سوداً، في كل اتجاه.

تذهب بي خطاي التائهة في تلك اللحظات إلى مطبخي. ثمّة قطعة من سماء تظهر عبر النافذة، خلف جمهور فوضوي من الأشجار. أحدّثها بصمت فيما بضع دموع تشقّ مجراها في صحراء وجنتيّ. بالأمس، صدري… واليوم، شعري…

برج أنوثتي يتصدّع، يتداعى،… الكيميائي… كعامل تعرية طبيعي، يغيّر بنحتٍ عبثي شكل الصخور، يحوّل صلابتها، إلى كذبة، إلى قصص خيالي، إلى لا شيء. كأنني أقف على جرفٍ، على رأس برج، على حافة منحدر، على شفيرٍ ما… أترنّح، يهددني السقوط…

ولكن…

في لحظاتٍ تالية، أعيد جمع فُتاتي، أحزم حقائب قوّتي… هي القوّة التي عانقتني، باغتتني، يوم قيل لي، عبر الهاتف: “أنت مصابة بالسرطان… 3 أورام”.

في لحظات تالية، أشدّ أشرعتي، أرفع مرساتي، أنقضّ على حزني، أتلفه، أعيد تصفيف ذاتي، ترتيب أنفاسي… أشقّ طريقي نحو برّ آخر، ضفة أخرى.

أنحو نحو غرفتي، أتصفح شكلي في المرآة… شعري ما زال هناك، يغطي المساحة الكبرى من رأسي. أتوسّله : “لا تتركني”. أقلّب طبقاته، ما تبقى منها، بأناملي،… أسرّح بضع خصلات لتغطية بقعة جرداء… أبتسم، أضحك… وتغرق عيناي فرحاً بين دفتي جفنيّ…

من حيث أنظر، يبدو العالم جميلاً… من حيث أنظر تبدّل المشهد… الحياة مسرحية هزلية، الحزن غباء، القلق وقت ضائع… من حيث أنظر أرى… أننا نصارع طواحين الهواء!

تقودني خطوات قليلة إلى المطبخ، أنظر إلى قطعة السماء… هناك، عبر النافذة، خلف جمهور الأشجار الفوضوي… أنشئ مع ذاتي حلفاً… سدّاً في وجه تأثير “الدواء” (كما نسميه نحن، مرضى السرطان)، الغثيان، الإرهاق، ألم الحقن، تقرحات الفم، وجع العظام، الأرق، الخوف من العدوات،… من الآتي.

هناك، أنظر إلى قطعة السماء، وهمساً أقول : “شكراً”.

اخترنا لك